وهذا الذي قاله صحيح، إلا أنه كان تقدم له في البقرة في قوله تعالى ﴿وَلَكِن لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [النساء: ٤٦] أن التقليل هنا بمعنى العدم، وتقدَّم الردُّ عليه هناك فَتَنَبَّهَ لهذا المعنى هنا ولم يتنبهْ له هناك. العاشر: أن المخاطبَ بقوله» لاتبعتم «جميعُ الناس على العموم، والمرادُ بالقليلِ أمةُ محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة، وأيَّد صاحبُ هذا القولِ قولَه بقولِه عليه السلام» ما أنتم في سواكم من الأمم إلا كالرَّقْمة البيضاء في الثور الأسود «.
قوله تعالى: ﴿فَقَاتِلْ﴾ : في هذه الفاءِ خمسةُ أوجه، أحدها: أنها عاطفةٌ هذه الجملةَ على جملةِ قوله ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله﴾ [النساء: ٧٤]. الثاني: أنها عاطفتها على جملةِ قوله ﴿فقاتلوا أَوْلِيَاءَ الشيطان﴾ [النساء: ٧٦]. الثالث: أنها عاطفتها على جملة قوله: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ﴾ [النساء: ٧٥]. الرابع: أنها عاطفتها على جملة قوله ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ [النساء: ٧٤]. الخامس: أنها جوابُ شرط مقدر أي: إنْ أردت فقاتِل، وأولُ هذه الأقوال هو الأظهر.
قوله: ﴿لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ﴾ في هذه الجملة قولان، أحدهما: أنها في محلِّ نصب على الحال من فاعل «فقاتِلْ» أي: فقاتِلْ غيرَ مُكَلِّفٍ إلا نفسَك وحدَها. والثاني: أنها مستأنفة أخبره تعالى أنه لايكلِف غيرَ نفسه. والجمهور على «تُكَلَّفُ» بتاء الخطاب ورفع الفعل مبنياً للمفعول، و «نفسَك» هو المفعول الثاني. وقرأ عبد الله بن عمر: «لا تُكَلِّفْ» كالجماعة إلا أنه


الصفحة التالية
Icon