وهو للمبالغة كامرأة مِذْكار ومِئْناث. قالوا: وأصله مِن «دَرِّ اللبن» وهو كثرةُ ورودِه على الحالِب ومنه: «لا درَّ درُّه» في الدعاء عليه بقلة الخير. وفي المثل: «سبقَتْ دِرَّتُ غِرارَه» وهي مثلُ قولهم: «سبقَ سيلُه مَطَرَه». واستدَّرت المِعْزى كناية عن طلبها الفحل، قالوا: لأنَّها إذا طَلَبَتْه حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ فَدَرَّت.
قوله: ﴿تَجْرِي﴾ إنْ جعلنا «جَعَلَ» تصييرية كان «تجري» مفعولاً ثانياً، وإن جعلناها إيجادية كان حالاً. و «من تحتهم» يجوز فيه أوجه: أن يكون متعلقاً ب «تجري»، وهذا هو الذي ينبغي أن لا يُعْدَلَ عنه، وأن يكون حالاً: إمَّا من فاعل «تجري» أو من «الأنهار» وأن يكون مفعولاً ثانياً ل «جعلنا»، و «تجري» على هذا حال من الضمير في الجار، وفيه ضعف لتقدُّمها على العامل المعنوي، ويجوز أن يكون «من تحتهم» حالاً من «الأنهار» كما تقدَّم، و «تجري» حال من الضمير المستكنِّ فيه، وفيه الضعف المتقدم.
قوله: ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾ متعلق ب «أنشأنا» قال أبو البقاء: «ولا يجوز أن يكون حالاً من» قرن «لأنه ظرف زمان» يعني أنه لو تأخر عن قرن لكان يُتَوَهَّم جوازُ كونه صفةً له، فلما قُدِّم عليه قد يوهم أن يكون حالاً منه، لكنه منع ذلك كونُه ظرفَ زمان، والزمان لا يُخبر به عن الجثث ولا يوصف به، وقد تقدم لك أنه يصِحُّ ذلك بتأويلٍ ذكرته في البقرة عند قوله: ﴿والذين مِن قَبْلِكُمْ﴾ [الآية: ٢١]. و «آخرين» صفة ل «قَرْن» لأنه اسم جمعٍ كقوم ورهط، فلذلك