قال الشيخ: «وما ذكره أولاً متناقض لأنه جعل النظر مُتَسَبِّباً عن السير، فكان السير سبباً للنظر، ثم قال: فكأنه قيل: سيروا لأجلِ النظر، فجعل السيرَ معلولاً بالنظر، والنظرُ سببٌ له فتناقضا، ودعوى أن الفاء سببية دعوى لا دليلَ عليها، وإنما معناها التعقيب فقط، وأمَّا:» زنى ماعِزٌ فَرُجم «ففَهْمُ السببية من قرينةٍ غيرِها» قال: «وعلى تقدير تسليم إفادتها السببَ فلِمَ كان السيرُ هنا سيرَ إباحة وفي غيره سيرَ إيجاب؟ قلت: هذا اعتراضٌ صحيح إلا قولَه» إن الفاء لا تفيد السببية «فإنه غير مُرْضٍ، ودليلُه في غير هذا الموضوع. ومثل هذا المكان في كون الزمخشري جعل شيئاً علة ثم جعله معلولاً ما سيأتي إن شاء الله في أول الفتح ويأتي هناك جوابه.
قوله: ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ﴾ » كيف «خبر مقدَّم و» عاقبة «اسمها، ولم يُؤَنَّثْ فعلُها لأن تأنيثها غير حقيقي، ولأنها بتأويل المآل والمنتهى، فإنَّ العاقبة مصدرٌ على وزن فاعِله، وهو محفوظ في ألفاظ تقدَّم ذِكْرُها وهي منتهى الشيء وما يصير إليه. والعاقبة إذا أُطْلِقَتْ اختصت بالثواب. قال تعالى: ﴿والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨]، وبالإِضافة قد تستعمل في العقوبة كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السواأى﴾ [الروم: ١٠] ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي النار﴾ [الحشر: ١٧] فصَحَّ أن تكون استعارة مِنْ ضدِّه كقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١]. و» كيف «معلِّقة للنظر فيه في محل نصب على إسقاط الخافض؛ لأنَّ معناه هنا التفكُّر والتدبُّر.