ما في الآية مخالفٌ للمثال؛ لأن الفائدة في البدل مترتبة من الثاني، فإذا قلت: «مررت بك زيدٍ» فلا فائدة في الثاني، وقوله ﴿لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ يصلح لمخاطبة الناس كافةً فيفيدنا إبدال «الذين» من الضمير أنهم هم المختصُّون بالخطاب، وخُصُّوا على جهة الوعيد، ويجيء هذا إبدالَ البعض من الكل «.
قال الشيخ:»
هذا الردُّ ليس بجيد لأنه إذا جَعَلْنا «ليجمعنَّكم» صالحاً لخطاب جميع الناس كان «الذين» بدل بعض، ويحتاج إذ ذاك إلى ضميرٍ، تقديره: خسروا أنفسهم منهم.
وقوله «فيفيدنا إبدال الذين من الضمير أنهم هم المختصون بالخطاب وخُصُّوا على جهة الوعيد» وهذا يقتضي أن يكون بدل كل من كل، فتناقض أول كلامه مع آخره؛ لأنه من حيث الصلاحيةُ بدل بعض، ومن حيث اختصاص الخطاب بهم يكون بدلَ كل فتناقضا «. قلت: ما أبعدَه عن التناقض، لأن بدل البعض من الكل من جملة المخصِّصات كالتخصُّص بالصفة والغاية والشرط، نصَّ أهل العلم على ذلك، فإذا تقرر هذا فالمبدل منه بالنسبة إلى اللفظ في الظاهر عام، وفي المعنى ليس المراد به إلا ما أراده المتكلم فإذا ورد:» اقتلوا المشركين بني فلان «مثلاً فالمشركون صالح لكل مشرك من حيث اللفظ، ولكنَّ المراد به بنو فلان، فالعموم في اللفظ والخصوص في المعنى، فكذا قول أبي محمد يَصْلُح لمخاطبة الناس، معناه أنه يَعُمُّهم لفظاً. وقوله» فيفيدنا إبدال الضمير إلى آخره «هذا هو المخصِّص فلا يجيء تناقضٌ البتةَ، وهذا مقرر في علم أصول الفقه.
السادس: أنه مرفوع على الذمِّ، قاله الزمخشري، وعبارته فيه وفي الوجه الأول:»
نصبٌ على الذمِّ أو رفعٌ، أي: أريد الذين خسروا أنفسهم،


الصفحة التالية
Icon