يريد «لم أَضْرِبْه» بسكون الباء للجازم، ثم نَقَلَ إليها حركة الهاء فصار اللفظُ «ثُم يُدْرِكُهْ» ثم أَجْرى الوصلَ مُجْرى الوقفِ فالتقى ساكنان فاحتاج إلى تحريك الأولِ وهو الهاءُ، فَحَرَّكها بالضمِّ؛ لأنه الأصلُ وللإِتباعِ أيضاً، وهذه الأوجهُ تَشْحَذُ الذِّهنَ وتنقِّحُه.
قوله تعالى: ﴿أَن تَقْصُرُواْ﴾ : هذا على حذفِ الخافض أي: في أَنْ تَقْصُروا، فيكونُ في محلِّ «أَنْ» الوجهان المشهوران، وهذا الجارُّ يتعلقُ بلفظِ «جُناح» أي: فليس عليكم جُناحٌ في قَصْرِ الصلاة. والجمهور على «تَقْصُروا» من «قَصَر» ثلاثياً. وقرأ ابن عباس: «تُقْصِروا» من «أَقْصر» وهما لغتان: قَصَر وأقصر، حكاهما الأزهري، وقرأ الضبي عن رجاله بقراءة ابن عباس. وقرأ الزهري: «تُقَصِّروا» مشدداً على التكثير. قوله: ﴿مِنَ الصلاة﴾ في «مِنْ» وجهان، أظهرُهما: أنها تبعيضيةٌ، وهذا معنى قول أبي البقاء وزعم أنه مذهبُ سيبويه وأنها صفةٌ لمحذوفٍ تقديرُه: شيئاً من الصلاة. والثاني: أنها زائدةٌ وهذا رأي الأخفش فإنه لا يشترط في زيادتِها شيئاً. و «أن يَفْتِنَكم» مفعول «خِفْتم» وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي: «من الصلاة أن يَفْتنكم» بإسقاط الجملة الشرطية، و «أَنْ يفْتنكم» على هذه القراءة مفعولٌ من اجله، ولغةُ الحجاز «فَتَن» ثلاثياً، وتميم وقيس: «أفتن» رباعياً.
و «لكم» متعلقٌ بمحذوف؛ لأنه حالٌ من «عَدُوّاً» فإنه في الأصل صفةُ


الصفحة التالية
Icon