الأصل قوةً تقتضي جواز حذفه بخلاف الفرع، وعلى الآخر له أن يقول: هذا مُعارَضٌ بإلغاء العامل: وذلك أنه لو كان المحذوفُ نونَ الرفع لأجل نون الوقاية ودخل الجازم والناصب لم يجد له شيئاً يحذفه؛ لأن النون حُذِفت لعارض آخر. واستدلوا لسيبويه أيضاً بأن نون الوقاية مكسورة، فبقاؤها على حالها لا يلزم منه تغييرٌ بخلاف ما لو ادَّعَيْنا حَذْفها فإنَّا يلزمنا تغييرُ نون الرفع من فتح إلى كسر، وتقليلُ العمل أولى، واستدلوا أيضاً بأنها قد حذفت مع مثلها وإن لم يكن نون وقاية كقوله:
١٩٧١ - كل له نِيَّةٌ في بُغْضِ صاحبِهِ | بنعمةِ الله نَقْلِيْكُمْ وتَقْلُونا |
أي: وتَقْلُوننا، فالمحذوفُ نونُ الرفع لا نونُ
«ن» لأنها بعض ضمير، وعُورض هذا بأن نون الرفع أيضاً لها قوةٌ لدلالتها على الإِعراب، فَحَذْفُها أيضاً لا يجوز، وجعل سيبويه المحذوفةَ من قول الشاعر:
١٩٧٢ - تراه كالثَّغامِ يُعَلُّ مِسْكاً | يَسُوءُ الفالِياتِ إذا فَلَيْني |
نونَ الفاعل لا نونَ الوقاية، واستدلَّ الأخفش بأنَّ الثقل إنما حصل بالثانية، ولأنه قد اسْتُغْنِي عنها، فإنه إنما أُتِيَ بها لتقِيَ الفعلَ من الكسر، وهو مأمونٌ لوقوع الكسر على نون الرفع، ولأنها لا تدلُّ على معنى بخلاف نون الرفع، وأيضاً فإنها تُحْذَفُ في نحو: ليتني فيقال: ليتي، كقوله:
١٩٧٣ - كمُنْيَةِ جابر إذ قال ليتي | أُصادِفُه وأُتْلِفُ بعضَ مالي |
واعلم أن حذف النون في هذا النحو جائز فصيح، ولا يُلتفت إلى قول