ولما كانت قوة الكلام أنه لا يخاف ضراً استثنى مشيئة ربه في أن يريده بضر.
قوله:» شيئاً «يجوز فيه وجهان، أظهرهما: أنه منصوب على المصدر تقديره: إلا أن يشاء ربي شيئاً من المشيئة، والثاني: أنه مفعول به ليشاء، وإنما كان الأولُ أظهرَ لوجهين، أحدهما: أن الكلام المؤكد أقوى وأثبتُ في النفس من غير المؤكد.
والثاني: أنه قد تقدم أن مفعول المشيئة والإِرادة لا يُذْكران إلا إذا كان فيهما غرابة كقوله:

١٩٧٤ - ولو شِئْتُ أَنْ أبكي دماً لبَكَيْتُه ..............
قوله: «عِلْماً» فيه وجهان، أظهرهما: أنه منصوب على التمييز، وهو مُحَوَّلٌ عن الفاعل تقديره: وَسِع علمُ ربي كلَّ شيء، كقوله: ﴿واشتعل الرأس شَيْباً﴾ [مريم: ٤]. والثاني: أنه منصوبٌ على المفعول المطلق؛ لأن معنى وَسِعَ عَلِم. قال أبو البقاء: «لأنَّ ما يَسَعُ الشيء فقد أحاط به، والعالم بالشيء محيطٌ بعلمه» وهذا الذي ادَّعاه من المجاز بعيد. و «كل شيء» مفعول لوسع على كلا التقديرين. و «أفلا تتذكرون» جملة تقرير وتوبيخ، ولا محلَّ لها لاستئنافها.
قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ﴾ : قد تقدَّم الكلام على «كيف» في أول البقرة، وهذه نظيرتها. و «ما» يجوز فيها ثلاثة الأوجه، أعني كونها موصولةً اسميةً أو نكرة موصوفة أو مصدرية، والعائد على الأوَّلين محذوف أي: ما أشركتموه بالله أو إشراككم بالله غيره.
وقوله: «ولا تخافون» يجوز في هذه الجملة أن تكون نسقاً على «


الصفحة التالية
Icon