يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} [الفرقان: ٢٤] والجنةُ لا نومَ فيها» قلت: ولا دليلَ فيما ذكر لأنَّ المقيل هنا خرج عن موضوعه الأصلي إلى مجرد الإِقامة بدليل أنه لا يُراد أيضاً الاستراحة في نصف النهار في الحر، فقد خَرَجَ عن موضوعه عندنا وعندكم إلى ما ذكرته لك. والقيلولة مصدرٌ ومثلها: الثائلة والقَيْل والمَقيل.
قوله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ﴾ جَوَّزوا في «دعواهم» وجهين، أحدهما: أن يكون اسماً ل «كان» و «إلا أَنْ قالوا» خبرها، وفيه خدشٌ من حيث إنَّ غير الأعرف جُعِل اسماً، والأعرفَ جُعِل خبراً، وقد فهمت ذلك في أول الأنعام عند ﴿لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ﴾ [الآية: ٢٣] والثاني: أن يكون «دعواهم» خبراً مقدماً و «إلا أن قالوا» اسماً مؤخراً، ذكر ذلك الزمخشري، ومكي ابن أبي طالب، وسبقهما إلى ذلك الفراء والزجاج، واختاره الزجاج. ولكن ذلك يُشْكل مِنْ قاعدةً أخرى ذكرها النحاة وهو أن الاسمَ والخبر في هذا الباب متى خفي إعرابُهما وَجَبَ تقديمُ الاسم وتأخيرُ الخبر نحو: كان موسى صاحبي، وما كان دعائي إلا أن استغفرتُ، قالوا: لأنهما كالمفعول والفاعل، فمتى خفي الإِعرابُ التَزَمَ كلٌ في مرتبته، وهذه الآيةُ مما نحن فيه فكيف يُدَّعى فيها ذلك، بل كيف يختاره الزجاج؟ وقد رأيتُ كلامَ الزجاج هنا فيمكن أن يؤخذَ منه جوابٌ عن هذا المكان وذلك أنه قال: «إلا أن الاختيارَ إذا كانت» الدعوى «في موضع رفع أن يقول: فما كانت دعواهم، فلمَّا قال:» كان


الصفحة التالية
Icon