٢١٤٢ - وإنِّي لَقَوَّامٌ مَقَاوِمَ لم يكن جريرٌ ولا مَوْلَى جريرٍ يقومُها
ووجهُ همزِها أنهم شبَّهوا الأصليَّ فتوهَّموا أن معيشة بزنة صحيفة فهمزوها كما همزوا تِيْك. قالوا: ونظير ذلك في تشبيههم الأصلي بالزائد قولهم في جمع مَسِيل: مِسْلان توهَّموه على أنه على زنة قضيب وقِضبان وقالوا في جمعه أَمْسِلة كأنهم توهَّموا أنه بزنة رغيف وأرغفة، وإنما مسيل وزنه مَفْعِل لأنه من سَيَلان الماء. وأنشدوا على مَسيل وأَمْسِلة قولَ أبي ذؤيب الهذلي:
٢١٤٣ - بِوادٍ لا أنيسَ به يَبابٍ وأَمْسِلةٍ مَذانِبُها خَلِيفُ
وقال الزجاج: «جميع نحاة البصرة تزعم أن همزها خطأ، ولا أعلم لها وجهاً إلا التشبيهَ بصحيفة وصحائف، ولا ينبغي التعويل على هذه القراءة».
قلت: وهذه القراءة لم ينفرد بها نافع بل قرأها جماعة جِلَّةٌ معه، فإنها منقولةٌ عن ابن عامر الذي قرأ على جماعة من الصحابة كعثمان وأبي الدرداء ومعاوية، وقد سبق ذلك في الأنعام، وقد قرأ بها قبل ظهور اللحن وهو عربي صريح. وقرأ بها أيضاً زيد بن علي وهو على جانب من الفصاحةِ والعلمِ الذي لا يدانيه إلا القليلُ. وقرأ بها أيضاً الأعمشُ والأعرجُ وكفى بهما في الإِتقان والضبط. وقد نقل الفراء أن قَلْبَ هذه الياء تشبيهاً لها بياء صحيفة قد جاء وإنْ كان قليلاً.


الصفحة التالية
Icon