قال: «والمعنى: فبسبب وقوعي في الغَيِّ لاجتهدنّ في إغوائهم حتى يَفْسُدوا بسببي كما فَسَدْتُ بسببهم. فإن قلت: بم تَعَلَّقَت الباء فإن تعلُّقها ب» لأقعدن «يصدُّ عنه لام القسم لا تقول: واللهِ بزيدٍ لأمرَّنَّ؟ قلت: تَعَلَّقَتْ بفعل القسم المحذوف تقديره: فبما أغويتني أقسم بالله لأقعدنَّ أي: فبسبب إغوائك أُقْسم. ويجوز أن تكون الباء للقسم أي: فأقسم بإغوائك لأقعدنَّ». قلت: وهذان الوجهان سبق إليهما أبو بكر بن الأنباري، وذكر عبارةً قريبة من هذه العبارة.
وقال الشيخ: «وما ذكره من أن اللام تصدُّ عن تعلُّق الباء ب» لأقعدَنَّ «ليس حكماً مُجْمَعاً عليه بل في ذلك خلافٌ». قلت: أمَّا الخلافُ فنعم. لكنه خلافٌ ضعيف لا يُقَيَّد به أبو القاسم، والشيخُ نفسه قد قال عند قوله تعالى ﴿لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ﴾ [الأعراف: ١٨] في قراءة مَنْ كسر اللام في «لمن»، إنَّ ذلك لا يُجيزه الجمهور وسيأتي لك مبيناً إن شاء الله.
و «ما» تحتمل ثلاثة أوجه أظهرها: أنها مصدرية أي: فبإغوائك إياي. والثاني: أنها استفهامية يعني أنه استفهم عن السبب الذي أغواه به فقال: فبأي شيء من الأشياء أغويتني؟ ثم استأنف جملةَ أقْسَمَ فيها بقوله «لأقعدنَّ». وهذا ضعيفٌ عند بعضِهم أو ضرورةٌ عند آخرين من حيث إنَّ «ما» الاستفهامية إذا جُرَّت حُذِفَتْ ألفها، ولا تَثْبت إلا في شذوذ كقولهم: عمَّا تسأل؟ أو ضرورةً كقوله:
٢١٤٧ - على ما قام يَشْتِمني لئيمٌ | كخنزيرٍ تمرَّغَ في رمادِ |