أي: قالا في خيمتي. وجعلوا نظيرَ الآية في نصب المكان المختص قولَ الآخر:

٢١٥٣ - لَدْنٌ بهزِّ الكفِّ يَعْسِل مَتْنَه كما عَسَل الطريقَ الثعلبُ
وهذا البيت أنشده النحاة على أنه ضرورة. وقد شذَّ ابن الطراوة عن مذهب النحاة فجعل «الصراط» و «الطريق» في هذين الموضعين مكانين مُبْهمين. وهذا قولٌ مردودٌ لأن المختصَّ من الأمكنة ما له أقطارٌ تحويه وحدودٌ تحصره، والصراط والطريق من هذا القبيل. والثالث: أنه منصوبٌ على المفعول به لأنَّ الفعلَ قبله وإن كان قاصراً فقد ضُمِّن معنى فعلٍ متعدٍّ. والتقدير: لألزمَنَّ صِراطك المستقيم بقعودي عليه.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ﴾ : جملةٌ معطوفة على جواب القسم أيضاً، وأخبر أنه بعد أن يقعد على الصراط يأتي من هذه الجهات الأربع، ونوَّع حرف الجر فجرَّ الأَوَّلَيْن ب «مِنْ» والثانَيْين ب «عن» لنكتة ذكرها الزمخشري. قال رحمه الله: «فإن قلت كيف قيل: مِنْ بين أيديهم ومِنْ خلفهم بحرف الابتداء، وعن أيمانهم وعن شمائلهم بحرف المجاوزة؟ قلت: المفعول فيه عُدِّي إليه الفعلُ نحو تعديتهِ إلى المفعول به، فكما اختلفَتْ حروفُ التعدية في ذلك اختلفت في هذا وكانت لغةً تُؤْخَذُ ولا تُقاسُ، وإنما يُفَتَّشُ عن صحة موقعها فقط، فلمَّا سمعناهم يقولون: جلس عن يمينه وعلى يمينه، وعن شماله وعلى شماله قلنا: معنى» على يمينه «أنه تَمَكَّن من جهة اليمين


الصفحة التالية
Icon