قال الشيخ:» وهذا الاحتمالُ لا يَصِحُّ لأن قوله: «بعد إذ نجَّانا اللهُ منها» إنما يعني النجاة من الكفر والمعاصي لا من أعمال البِرِّ «. قلت: قد حكى ابن الأنباري هذا القولَ عن المعتزلة الذين لا يؤمنون بالإِرادة ثم قال:» وهذا القول مُتَنَاوَلُهُ بعيد، لأنَّ فيه تبعيضَ الملة «وقيل: هذا استثناء على سبيل التسليم والتأدُّب.
قال ابن عطية: «ويقلق هذا التأويلُ من جهةِ استقبالِ الاستثناء، ولو كان الكلام»
إلا إنْ شاء «قوي هذا التأويل». وهذا الذي قاله سهوٌ لأنَّ الماضيَ يتخلَّص للاستقبال بعد «إنْ» الشرطية، كما يتخلَّص المضارع له بأَنْ المصدرية.
وقيل: الضمير في قوله «فيها» ليس عائداً على المِلَّة بل عائدٌ على الفِرْية، والتقدير: وما يكون أن نعودَ في الفِرْية إلا أن يشاءَ ربنا. وهو حَسَنٌ لولا بُعْدُه. وكرَّر هنا قوله «بيننا وبين قومنا» بخلاف/ قوله ﴿حتى يَحْكُمَ الله بَيْنَنَا﴾ [الأعراف: ٨٧] زيادةً في تأكيد تمييزه ومَنْ تبعه مِنْ قومه. وقد تقدَّم أن الفتح الحُكْم بلغة حِمْير، وقيل بلغة مُراد وأنشد:

٢٢٤٨ - ألا أبلغْ بني عُصْمٍ رَسُولاً بأنِّي عن فَتَاحَتِكُمْ غنيُّ
قوله: «عِلْماً» نصبٌ على التمييز وهو منقولٌ من الفاعلية، تقديره: وَسِعَ علمُ ربِّنا كلَّ شيء كقوله تعالى: ﴿واشتعل الرأس شَيْباً﴾ [مريم: ٤].


الصفحة التالية
Icon