ولا يرونهم من هذا التركيب؟ وقد تقدَّم تحقيق هذه القاعدة في أوائل البقرة وفي قوله
﴿لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً﴾ [البقرة: ٢٧٣].
و «أنهم» سادٌّ مَسَدَّ المفعولين ل «زعم»، و «فيكم» متعلق بنفس شركاء، والمعنى: الذين زعمتم أنهم شركاء لله فيكم أي: في عبادتكم أو في خلقكم لأنكم أشركتموهم/ مع الله في عبادتكم وخلقكم. وقيل «في» بمعنى «عند» ولا حاجة إليه. وقيل: المعنى أنهم يتحملون عنكم نصيباً من العذاب أي: شركاء في عذابكم إن كنتم تعتقدون فيهم أنكم إذا أصابكم نائبةٌ شاركوكم فيها.
قوله: «بينكم» قرأ نافع والكسائي وعاصم في رواية حفص عنه: «بينكم» نصباً، والباقون: «بينُكم» رفعاً. فأمَّا القراءة الأولى ففيها سبعة أوجه، أحسنها: أن الفاعل مضمر يعود على الاتصال، والاتصال وإن لم يكن مذكوراً حتى يعود عليه ضمير لكنه تقدَّم ما يدل عليه وهو لفظة «شركاء»، فإن الشركة تُشْعر بالاتصال، والمعنى: لقد تقطع الاتصال بينكم فانتصب «بينكم» على الظرفية. الثاني: أن الفاعل هو «بينكم» وإنما بقي على حاله منصوباً حَمْلاً له على أغلب أحواله وهو مذهب الأخفش، وجعلوا من ذلك أيضاً قوله ﴿يُفَصَلُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة: ٣] فيمن بناه للمفعول، وكذا قوله تعالى: ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الجن: ١١] قال الواحدي: «كما جرى في كلامهم منصوباً ظرفاً، تركوه على ما يكون عليه في أكثر الكلام» ثم قال: في قوله ومنَّا دون ذلك فدون في موضع رفع


الصفحة التالية
Icon