في هاتين القراءتين. أو تُحْمل الألْف على مَنْ قاتَلَ من الملائكة دون مَنْ لم يقاتل فلا تنافِيَ حينئذٍ بين القراءات.
قوله: ﴿مُرْدِفِينَ﴾ قرأ نافع ويُروى عن قنبل أيضاً «مُرْدَفين» بفتح الدال والباقون بكسرها. وهما واضحتان لأنه يُروى في التفسير أنه كان وراء كل مَلِكٍ مَلَكٌ رديفاً له. فقراءة الفتح تُشْعر بأن غيرهم أردفهم لركوبهم خلفهم، وقراءة الكسر تُشْعر بأن الراكبَ خلفَ صاحبهِ قد أَرْدَفَه، فصَحَّ التعبيرُ باسم الفاعل تارةً واسمِ المفعول أخرى. وجَعَلَ أبو البقاء مفعولَ «مُرْدِفين» يعني بالكسر محذوفاً أي: مُرْدِفين أمثالهم. وجَوَّز أن يكون معنى الإِرداف المجيءَ بعد الأوائل أي: جُعِلوا رِدْفاً للأوائل.
ويُطلب جوابٌ عن كيفية الجمع/ بين هذه الآيةِ وآيةِ آل عمران، حيث قال هناك «بخمسة»، وقال هنا «بأَلْف» والقصة واحدة. والجواب: أن هذه الألف مُرْدِفَةً لتلك الخمسة فيكون المجموعُ ستةَ آلاف، ويظهر هذا ويَقُوى في قراءة «مُرْدِفين» بكسر الدال.
وقد أنكر أبو عبيد أن يكون الملائكة أَرْدَفَت بعضها أي: ركَّبَتْ خلفها غيرها من الملائكة. وقال الفارسي: «مَنْ كسر الدال احتمل وجهين، أحدهما: أن يكونوا مُرْدِفين مثلَهم كما تقول:» أَرْدَفْتُ زيداً دابَّتي «فيكون المفعولُ الثاني محذوفاً، وحَذْفُ المفعولِ كثيرٌ. والوجه الآخر: أن يكونوا


الصفحة التالية
Icon