قلت: وهذا الكلامُ على طوله شرحُه أنَّ» أَتْبع «بالتخفيف يتعدَّى إلى مفعولين، و» اتَّبع «بالتشديد يتعدى لواحدٍ، وأَرْدَف قد جاء بمعناهما، ومفعولُه أو مفعولاه محذوفٌ لفهم المعنى، فيقدَّر في كل موضع ما يليق به. إلا أنَّ الشيخ عابَ عليه قوله» مُتْبِعين إياهم المؤمنين وقال: «هذا ليس من مواضعِ فَصْلِ الضمير بل مما يتصل وتُحْذف له النون، لا يقال: هم كاسون إياك ثوباً، بل كاسوك، فتصحيحه أن يقول: متبعيهم المؤمنين أو مُتْبعين أنفسَهم المؤمنين».
قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ﴾ : الهاء تعود على الإِمداد أي: وما جعل اللهُ الإِمدادَ. ثم هذا الإِمدادُ يحتمل أن يكون المنسبكَ من قوله ﴿أَنِّي مُمِدُّكُمْ﴾ [الأنفال: ٩]، إذ المعنى: فاستجاب بإمدادكم. ويحتمل أن يكون مدلولاً عليه بقوله «مُمِدُّكم» كما دلَّ عليه فِعْلُه في قوله: ﴿اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ﴾ [المائدة: ٨]. وهذا الثاني أَوْلى لأنه مُتَأَتٍّ على قراءة الفتح والكسر في «إني» بخلاف الأول فإنه لا يتجه عَوْدُه على الإِمداد على قراءة الكسر إلا بتأويلٍ ذكره الزمخشري وهو أنه مفعولُ القول المضمر فهو في معنى القول. وقيل يعود على المَدَد قاله الزجاج. قال الواحدي: «وهذا أَوْلَى لأنَّ بالإِمداد بالملائكة كانت البشرى». وقال الفراء: «إنه يعودُ على الإِرداف المدلول عليه بمردفين». وقيل: يعودُ على الألف. وقيل: على الوعد المدلول عليه ب ﴿يَعِدُكُمُ﴾ [الأنفال: ٧].