قوله تعالى: ﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ﴾ : الظاهرُ أن «ما» هذه موصولةٌ بمعنى الذي، وكان مِنْ حقها أن تُكتب منفصلةً من «أنَّ» كما كُتِبَتْ ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ﴾ [الأنعام: ١٣٤] منفصلةً ولكن كذا رُسِمت. و «غَنِمْتم» صلتُها، وعائدها محذوف لاستكمال الشروط أي: غَنِمْتموه. وقوله: ﴿فأنَّ الله﴾ الفاءُ مزيدةٌ في الخبر، لأن المبتدأ ضُمِّن معنى الشرط، ولا يَضُرُّ دخولُ الناسخ عليه لأنه لم يغيِّرْ معناه وهذا كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين فَتَنُواْ﴾ [البروج: ١٠] ثم قال: «فلهم». والأخفش مع تجويزه زيادةَ الفاء في خبر المبتدأ مطلقاً يمنع زيادتها في الموصول المشبه بالشرط إذا دخلَتْ عليه «إنَّ» المكسورة، وآيةُ البروج حجَّةٌ عليه. وإذا تقرَّر هذا ف «أنَّ» وما عَمِلَتْ فيه في محلِّ رفع على الابتداء، والخبرُ محذوفٌ تقديرُه: فواجبٌ أن لله خُمُسَه، والجملة من هذا المبتدأ والخبر خبر ل «أنَّ». وظاهر كلام الشيخ أنه جَعَلَ الفاءَ داخلةً على «أن لله خُمُسَه» من غير تقديرِ أن تكونَ مبتدأ وخبرها محذوف، بل جَعَلَها بنفسها خبراً، وليس مرادُه ذلك، إذ لا تدخل هذه الفاءُ على مفردٍ بل على جملةٍ، والذي يُقَوِّي إرادَته ما ذكرتُه أنه حكى قولَ الزمخشري أعني كونَه قَدَّره أنَّ «أنَّ» وما في حَيِّزها مبتدأٌ محذوفُ الخبر، فَجَعَله قولاً زائداً على ما قدَّمه.
ويجوز في «ما» أن تكونَ شرطيةً، وعاملُها «غَنِمْتُم» بعدها، واسمُ «أنَّ» حينئذٍ ضميرُ الأمرِ والشأن وهو مذهبُ الفراء. إلا أن هذا لا يجوز عند البصريين إلا ضرورةً بشرط أَنْ لا يليها فعل كقوله: