وبيَّنها خبيرٌ بكيفيات الأمور». قال الشيخ: «لا يريد أنَّ» مِنْ لدن «متعلقٌ بالفعلين معاً من حيث صناعةُ الإِعراب بل يريد أن ذلك من بابِ الإِعمال فهي متعلقةٌ بهما من حيث المعنى» وهو معنى قولِ أبي البقاء أيضاً «ويجوز أن يكونَ مفعولاً، والعاملُ فيه» فُصِّلَتْ «.
قوله تعالى: ﴿أَن لاَّ تعبدوا﴾ : فيها أوجهٌ، أحدُها: أن تكون مخففةً من الثقيلة، و «لا تَعْبُدوا» جملةُ نهيٍ في محلِّ رفعٍ خبراً ل «أنْ» المخففةِ، واسمُها على ما تقرَّر ضميرُ الأمرِ والشأنِ محذوفٌ. والثاني: أنها المصدريةُ الناصبة، ووُصِلَتْ هنا بالنهي ويجوزُ أَنْ تكون «لا» نافيةً، والفعلُ بعدها منصوبٌ ب «أَنْ» نفسها، وعلى هذه التقادير ف «أَنْ» : إمَّا في محل جر أو نصب أو رفع، فالنصبُ والجرُّ على أنَّ الأصل: لأنْ لا تَعْبدوا، أو بأن لا تعبدوا، فلمَّا حُذِفَ الخافضُ جرى الخلافُ المشهور، والعامل: إمَّا «فُصِّلَتْ» وهو المشهور، وإمَّا «أُحْكِمَتْ» عند الكوفيين، فتكون المسألة من الإِعمال، لأن المعنى: أُحْكِمَتْ لئلا تَعْبدوا أو بأن لا تعبدوا أو فُصِّلَتْ لأنْ لا تعبدوا، أو بأن لا تعبدوا. وقيل: نصب بفعل مقدر تقديره ضَمَّن آيَ الكتابِ أن لا تعبدوا، ف «أنْ لا تعبدوا» هو المفعولُ الثاني ل «ضَمَّن» والأولُ قام مقام الفاعل.
والرفعُ فمِنْ أوجه، أحدها: أنها مبتدأٌ، وخبرُها محذوفٌ فقيل: تقديرُه: مِن النظر أن لا تعبدوا إلا اللَّه. وقيل: تقديره: في الكتابِ أن لا تعبدوا إلا اللَّهَ. والثاني: خبرُ مبتدأ محذوف، فقيل: تقديرُه: تفصيلُه أن لا تعبدوا إلا اللَّه. وقيل: تقديرُه: هي أن لا تعبدوا إلا اللَّه. والثالث: أنه مرفوعٌ على البدل من «آياته» قال الشيخ: «وأما مَنْ أعربه أنه بدل من لفظ» آيات «أو مِنْ


الصفحة التالية
Icon