بحذفِ الزوائد، إذ التقدير: تمتيعاً فهو كقوله: ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً﴾ [نوح: ١٧]. والثاني: أنه ينتصبَ على المفعول به، والمراد بالمتاعِ اسمُ ما يُتَمَتَّع به فهو كقولك: «متَّعْتُ زيداً أثواباً».
قوله: ﴿كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ «كلَّ» مفعول أول، و «فضلَه» مفعولٌ ثانٍ، وقد تقدَّم للسهيلي خلافٌ في ذلك. والضمير في «فضله» يجوز أن يعودَ على اللَّه تعالى، أي: يعطي كلَّ صاحب فضلٍ فضلَه، أي: ثوابَه، وأن يعودَ على لفظ كل، أي: يعطي كلَّ صاحبِ فضلٍ جزاءَ فَضْلِهِ، لا يَبْخَسُ منه شيئاً أي: جزاء عمله.
قوله: ﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ قرأ الجمهور «تَوَلَّوا» بفتح التاء والواو واللامِ المشددة، وفيها احتمالان، أحدهما: أن الفعلَ مضارعُ تَوَلَّى، وحُذِف منه إحدى التاءين تخفيفاً نحو: تَنَزَّلُ، وقد تقدَّم: أيتُهما المحذوفةُ، وهذا هو الظاهر، ولذلك جاء الخطاب في قوله «عليكم». والثاني: أنه فعلٌ ماضٍ مسندٌ لضمير الغائبين، وجاء الخطابُ على إضمار القول، أي: فقل لهم: إني أخاف عليكم، ولولا ذلك لكان التركيب: فإني أخاف عليهم.
وقرأ اليماني وعيسى بن عمر: «تُوَلُّوا» بضم التاء وفتح الواو وضم اللام، وهو مضارعُ ولَّى كقولك زكَّى يزكِّي. ونقل صاحب «اللوامح» عن اليماني وعيسى: «وإن تُوُلُّوا» بثلاث ضمَّات مبنياً للمفعول. قلت: ولم يُبَيِّن ما هو ولا تصريفَه؟ وهو فعلٌ ماضٍ، ولما بُني للمفعول ضُمَّ أولُه على الفاعل، وضُمَّ ثانيه أيضاً؛ لأنه مفتتحٌ بتاءِ مطاوَعَةٍ/ وكلُّ ما افْتُتِح بتاءِ مطاوعةٍ ضُمًّ أولُه وثانيه، وضُمَّت اللام أيضاً وإن كان أصلُها الكسرَ لأجل واو الضمير، والأصل «تُوُلِّيُوا» نحو: تُدُحْرِجوا، فاسْتُثْقِلت الضمةُ على الياء، فحُذِفت فالتقى


الصفحة التالية
Icon