قوله: ﴿أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ﴾ في هذا الظرف وجهان، أحدهما: أنَّ ناصبَه مضمرٌ، فقدَّره الزمخشري ب «يريدون» كما تقدَّم، فقال: «ومعنى ألا حين يَسْتَغْشُون ثيابهم: ويريدون الاستخفاء حين يستغشون ثيابَهم أيضاً كراهةً لاستماع كلامِ اللَّه كقولِ نوحٍ عليه السلام ﴿جعلوا أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِمْ واستغشوا ثِيَابَهُمْ﴾ [نوح: ٧]، وقدَّره أبو البقاء فقال:» ألا حين يَسْتَغْشون ثيابهم يَسْتخفون «. والثاني: أن الناصبَ له» يَعْلَمُ «، أي: ألا يعلمُ سِرَّهم وعَلَنهم حين يفعلون كذا، وهو معنى واضح، وكأنهم إنما جوَّزوا غيره لئلا يلزم تقييد علمه تعالى بسرِّهم وعَلَنِهم بهذا الوقت الخاص، وهو تعالى عالمٌ بذلك في كل وقت. وهذا غيرُ لازمٍ، لأنه إذا عُلِم سِرُهم وعلنُهم في وقتِ التغشية الذي يخفى فيه السرُّ فأَوْلى في غيره، وهذا بحسب العادةِ وإلا فاللَّهُ تعالى لا يتفاوتُ عِلْمُه. و» ما «يجوز أن تكونَ» مصدريةً «، وأن تكونَ بمعنى الذي، والعائد محذوف، أي: تُسِرُّونه وتُعْلِنونه.
قوله تعالى: ﴿مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ : يجوز أن يكونا مصدَرْين، أي: استقرارها واستيداعها، ويجوز أن يكونا مكانين، أي: مكان استقرارها واستيداعها. ويجوز أن يكون مستودعها اسمَ مفعول لتعدِّي فِعْلِه، ولا يجوز ذلك في «مستقر» لأنَّ فعلَه لازمٌ، ونظيرُه في المصدرية قولُ الشاعر:
٢٦٣٦ - ألم تعلمْ مُسَرَّحِيَ القوافي | .......................... |