وأمَّا القراءة الثانية فإنه أسند الفعل إليها مجازاً. قال الزمخشري: «فإن قلت: ما حقيقته؟ قلت: حقيقته أنَّ الحجةَ كما جُعِلَتْ بصيرةً ومُبْصرة جُعلت عمياء؛ لأنَّ الأعمى لا يَهْتدي ولا يَهْدي غيرَه، فمعنى» فَعَمِيَتْ عليكم البَيِّنَةُ «: فلم تَهْدِكم كما لو عَمِي على القوم دليلُهم في المفازَةِ بقُوا بغيرِ هادٍ».
وقيل: هذا من باب القلب، وأصلها فَعَمِيْتُم أنتم عنها كما تقول: أدخلت القلنسوة في رأسي، وأدخلت الخاتم في إصبعي وهو كثيرٌ، وتقدم تحريرُ الخلافِ فيه، وأنشدوا على ذلك:
٢٦٥٤ - ترى الثورَ فيها مُدْخِلَ الظلِّ رأسَه | ............................ |
واختُلِفَ في الضمير في» عُمِّيَتْ «هل هو عائد على البيِّنة فيكونَ قولُه:» وآتاني رحمة «جملة معترضة بين المتعاطفين، إذ حقُّه ﴿على بَيِّنَةٍ مِّن ربي... فَعُمِّيَتْ﴾. وإن قيل بأنه عائد على الرحمة فيكون قد حُذف من الأول لدلالة