قوله تعالى: ﴿أَشُدَّهُ﴾ : فيه ثلاثة أقوال، أحدها: وهو قول سيبويه أنه جمعٌ مفردُه «شِدَّة» نحو: نِعْمة وأنْعُم. الثاني: قول الكسائي: أن مفردَه «شَدّ» بزنةِ فَعْل نحو صَكّ وأصُكّ، ويؤيِّده قولُ الشاعر:

٢٧٦٢ - عَهْدي به شَدَّ النهارِ كأنما خُضِبَ البَنانُ ورأسُه بالعِظْلِمِ
الثالث: أنه جمعٌ لا واحدَ له من لفظه قاله أبو عبيدة، وخالفه الناسُ في ذلك، إذ قد سمع «شدَّة» و «شَدَ» وهما صالحان له وهو مِن الشَّدِّ وهو الربطُ على الشيء والعقدُ عليه. قال الراغب: «وقولُه تعالى ﴿حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ فيه تنبيهُ أن الإِنسان إذا بلغ هذا القَدْرَ يتقوى خُلُقُه الذي هو عليه فلا يكاد يزايله، وما أحسنَ ما تنبَّه له الشاعرُ حيث يقول:
٢٧٦٣ - إذا المَرْءُ وافى الأربعينَ ولم يكنْ له دونَ ما يهوى حَياءٌ ولا سِتْرُ
فَدَعْه ولا تَنْفِسْ عليه الذي مضى وإنْ جَرَّ أسبابَ الحياةِ له العُمْرُ
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ إمَّا نعتٌ لمصدر محذوف أو حالٌ من ضمير المصدر وتقدَّم نظائره.
قوله تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ﴾ : أي: طالَبَتْه برفقٍ ولين قولٍ، والمُراوَدَةُ المصدر، والرِّيادة: طَلَبُ النِّكاح، ومشى رُوَيْداً، أي: ترفَّق في


الصفحة التالية
Icon