قوله: ﴿مَآ آمُرُهُ﴾ في «ما» وجهان، أحدُهما: أنها مصدرية. والثاني: أنها موصولةٌ، وهي مفعولٌ بها بقوله: «يفعلْ» والهاءُ في «آمُرُه» تحتمل وجهين، أحدُهما: العَوْد على «ما» الموصولة إذا جعلناها بمعنى الذي. والثاني: العَوْد على يوسف. ولم يُجَوِّزْ الزمخشري عَوْدَها على يوسف إلا إذا جُعِلت «ما» مصدرية «فإنه قال:» فإن قلت: الضمير في «آمُره» راجعٌ إلى الموصول أم إلى يوسف؟ قلت: بل إلى الموصول والمعنى: ما آمُرُ به فحذف الجارَّ كما في قوله:

٢٧٩٠ - أَمَرْتُكَ الخيرَ........ ....................
ويجوز أن تُجْعَلَ «ما» مصدريةً فيعود على يوسف، ومعناه: ولَئِنْ لم يفعلْ أمري إياه، أي: مُوْجِبَ أمري ومقتضاه «. قلت: وعلى هذا فالمفعولُ الأولُ محذوفٌ تقديره: ما آمُره به وهو ضميرُ يوسف.
والسين في»
استعصم « [فيها وجهان، أحدهما: أنها] ليست على بابها مِن الطلب، بل استفعل هنا بمعنى افتعل، فاستعصم واعتصم واحد. وقال الزمخشري:» الاستعصامُ بناءُ مبالغةٍ يدلُّ على الامتناع البليغ والتحفُّظِ الشديدِ، كأنه في عِصْمةٍ وهو يجتهدُ في الاستزادةِ منها، ونحو: استمسك واستوسع الفَتْقُ، استجمع الرأيَ، واستفحل الخطبُ «، فردَّ السين إلى بابها من الطلب وهو معنىً حسنٌ، ولذلك قال ابن عطية:» طلب العِصْمة واستمسك بها وعصاني «.


الصفحة التالية
Icon