والثاني: أنَّ «ما» في معنى الزمان فيكون مستثنى من الزمن العام المقدَّر. والمعنى: إنَّ النفس لأمَّارَةٌ بالسوء في كلِّ وقتٍ وأوانٍ إلا وقتَ رحمةِ ربي إياها بالعِصْمة. ونظرَّه أبو البقاء بقوله تعالى: ﴿وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ﴾ [النساء: ٩٢]. وقد تقدَّم أن الجمهورَ لا يُجيزون أن تكون «أنْ» واقعةً موقعَ ظرفِ الزمان.
والثالث: أنه مستثنى من مفعول «أمَّارة»، أي: لأمَّارةٌ صاحبَها بالسوءِ إلا الذي رَحِمه اللَّه. وفيه إيقاعُ «ما» على العاقل.
والرابع: أنه استثناءٌ منقطعٌ. قال ابن عطية: «وهو قولُ الجمهور». وقال الزمخشري: «ويجوز أن يكونَ استثناءً منقطعاً، أي: ولكنْ رحمةُ ربي هي التي تَصْرِف الإِساءةَ كقوله: ﴿وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا﴾ [يس: ٢٣].
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا كَلَّمَهُ﴾ : يجوز أن يكونَ الفاعلُ ضميرَ المَلِك، والمفعول ضميرَ يوسفَ عليه السلام وهو الظاهر، ويجوز العكس.
قوله تعالى: ﴿لِيُوسُفَ﴾ : يجوز في هذه اللامِ أنْ تكونَ متعلقةً ب «مَكَّنَّا» على أن يكون مفعولُ «مَكَّنَّا» محذوفاً تقديره: مَكَّنَّا لِيوسفَ الأمورَ، أو على أن يكونَ المفعولُ به «حيث» كما سيأتي. ويجوز أن تكونَ زائدةً عند مَنْ يرى ذلك، وقد تقدم أنَّ الجمهورَ يَأْبَوْن ذلك إلا في موضعين.