وأَثْبَتَ القرَّاءُ هذه الياءَ في «نبغي» وَصْلاً ووقفاً ولم يَجْعلوها من الزوائد بخلاف التي في الكهف كما سيأتي: ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ [الكهف: ٦٤]. والفرق أنَّ «ما» هناك موصولةٌ فحُذِفَ عائدُها، والحذفُ يُؤْنِسُ بالحذف، وهذه عبارة مستفيضة عند أهلِ هذه الصناعةِ يقولون: التغيير يُؤْنس بالتغيير بخلافها هنا فإنها: إمَّا استفهاميةٌ، وإمَّا نافيةٌ، ولا حَذْفَ على القولين حتى يُؤْنَسَ بالحذف.
وقرأ عبد اللَّه وأبو حيوة ورَوَتْها عائشة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ما تبغي» بالخطاب. و «ما» تحتمل الوجهين أيضاً في هذه القراءة.
والجملةُ مِنْ قوله: ﴿هذه بِضَاعَتُنَا﴾ تحتمل أنْ تكونَ مفسِّرةً لقولهم «ما نبغي»، وأن تكونَ مستأنفةً.
قوله: ﴿وَنَمِيرُ﴾ معطوفٌ على الجملة الاسمية قبلها، وإذا كانت «ما» نافيةً جاز أن تُعْطَفَ على «نَبْغي»، فيكونَ عَطْفَ جملةٍ فعلية على مثلِها. وقرأت عائشة وأبو عبد الرحمن: «ونُمير» مِنْ «أماره» إذا جَعَلَ له المِيرة يُقال: ماره يَميره، وأماره يُمِيْره. والمِيرة: جَلْبُ الخير قال:

٢٨٠٥ - بَعَثْتُكَ مائِراً فمكَثْت حَوْلاً متى يأتي غِياثُكَ مَنْ تُغِيْثُ
والبعيرُ لغةً يقع على الذَّكَر خاصةً، وأطلقه بعضُهم على الناقة أيضاً، وجعله نظيرَ «إنسان»، ويجوز كَسْرُ بائه إتباعاً لعينه، ويُجمع في القلة على أبْعِرَة، وفي الكثرة على بُعْران.


الصفحة التالية
Icon