قوله: ﴿فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النار﴾«إلى النارِ» خبرُ «إنَّ». و «المصير» مصدرٌ ل صار التامة، أي: فإنَّ مرجعَكم كائن إلى النار. وأجاز الحوفيُّ أَنْ يتعلقَ «إلى النار» ب «مصيرَكم». وقد ردَّ هذا بعضُهم بأنه لو جعلناه مصدراً صار بمعنى انتقل، و «إلى النار» متعلقٌ به، بقيَتْ «إنَّ» بلا خبر، لا يقال: خبرُها حينئذ محذوفٌ؛ لأنَّ حَذْفَه في مثل هذا يَقِلُّ، وإنما يكثرُ حَذْفُه إذا كان الاسمُ نكرةً: والخبرُ ظرفاً أو جارَّاً كقوله:
٢٨٩ - ٠- إنَّ مَحَلاًّ وإنْ مُرْتَحَلا
وإنَّ في السَّفْرِ ما مَضَى مَهَلا
قوله تعالى: ﴿قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ﴾ فيه أوجهٌ، أحدُها: أنَّ «يُقيموا» مجزومٌ بلامِ أمرٍ محذوفةٍ تقديرُه: ليقيموا، فحُذِفَتْ وبقي عملُها، كما يُحْذَفُ الجارُّ ويبقى عملُه، كقولِه:
٢٨٩ - ١- محمدُ تَفْدِ نفسَك كلُ نفسٍ
إذا ما خِفْتَ مِنْ شيءٍ تَبالا
يريد: لِتَفْدِ. أنشده سيبويه، إلا أنَّه خَصَّه بالشعر. قال الزمخشري: «ويجوزُ أن يكونَ» يُقيموا «و» يُنْفِقوا «بمعنى: لِيُقيموا ولِيُنْفقوا، ويكون هذا هو المَقُولَ. قالوا: وإنما جاز حَذْفُ اللامِ لأنَّ الأمرَ الذي هو» قُلْ «عِوَضٌ منها، ولو قيل: يقيموا الصلاة ويُنفقوا ابتداءً بحذف اللام لم يَجُزْ». قلت: وإلى قريبٍ من هذا نحا ابن مالك فإنه جَعَلَ حَذْفَ
الصفحة التالية