قوله تعالى: ﴿هذا البلد آمِناً﴾ : مفعولا الجَعْلِ التصييري، وقد تقدَّم تحريرُه في البقرة. قال الزممخشري: «فإن قلت: أيُّ فَرْقٍ بين قولِه ﴿اجعل هذا بَلَداً آمِناً﴾ [البقرة: ١٢٦] وبين قولِه ﴿هذا البلد آمِناً﴾ ؟ قلت: قد سأل في الأول أن يجعلَه مِنْ جملة البلادِ التي يأْمَنُ أهلُها ولا يخافون، وفي الثاني أن يُخْرجَه مِنْ صفةٍ كان عليها من الخوفِ إلى ضِدِّها من الأمنِ، كأنه قال: هو بلدٌ مَخُوفٌ فاجْعَلْه آمِناً».
قوله: ﴿واجنبني﴾ يُقال: جَنَبَه شرَّاً، / وأَجْنَبَه إياه، ثلاثياً، ورباعياً، وهي لغةُ نجدٍ، وجَنِّبه إياه مشدداً، وهي لغةُ الحجازِ، وهو المَنْعُ، وأصلُه مِنَ الجانب. وقال الراغب: «وقولُه تعالى: ﴿واجنبني وَبَنِيَّ﴾ مِنْ جَنَبْتُه عن كذا، أي: أَبْعَدْتُه منه. وقيل: مِنْ جَنَبْتُ الفَرَسَ كأنما أن يقودَه عن جانبِ الشِّرْك بألطافٍ منه وأسبابٍ خفيَّةٍ».
و ﴿أَن نَّعْبُدَ﴾ على حَذْفِ الحرف، أي: عن أن. وقرأ الجحدريُّ وعيسى الثقفي «وأَجْنِبْني» بقطعِ الهمزة مِنْ أَجْنَبَ.
والضميرُ في «إنَّهُنَّ» و «أَضْلَلْنَ» عائدٌ على الأصنامِ لأنها جمعُ تكسيرٍ غيرُ عاقلٍ. وقوله «مني»، أي: من أشياعي.
قوله: ﴿وَمَنْ عَصَانِي﴾ شرطٌ، ومحلُّ «مَنْ» الرفعُ بالابتداءِ، والجوابُ ﴿فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ والعائدُ محذوفٌ، اي: له.