الرابع: قال الزمخشري: «أو لم يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللهُ من الأَجْرامِ التي لها ظلالٌ متفيِّئَةٌ عن أَيْمانِها وشَمائِلها عن جانبي كل واحدٍ منها وشِقَّيْه استعارةً من يمين الإِنسان وشمائله لجانبي الشيءِ، أي: تَرْجِعُ من جانبٍ إلى جانب». وهذا قريبٌ ممَّا قبله.
وأُجِيْب عن الثاني بأجوبةٍ، أحدُها: أن الابتداءَ يقع من اليمين وهو شيءٌ واحدٌ، فلذلك وَحَّد اليمينَ ثم يَنْتَقِصُ شيئاً فشيئاً، حالاً بعد حال/ فهو بمعنى الجمعِ، فَصَدَق على كلِّ حالٍ لفظةُ «الشمال»، فَتَعَدَّدَ بتعدُّدِ الحالات. وإلى قريبٍ منه نحا أبو البقاء.
والثاني: قال الزمخشري: «واليمين بمعنى الأَيْمان» يعني أنه مفردٌ قائمٌ مقامَ الجمع، وحينئذٍ فهما في المعنى جمعان كقوله
﴿وَيُوَلُّونَ الدبر﴾ [القمر: ٤٥]، أي: الأدبار.
الثالث: قال الفراء: «كأنه إذا وَحَّد ذَهَبَ إلى واحدٍ من ذواتِ الظلال، وإذا جَمَع ذَهَب إلى كلِّها، لأنَّ قولَه ﴿مَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ﴾ لفظُه واحدٌ ومعناه الجمعُ، فعبَّر عن أحدِهما بلفظِ الواحدِ كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظلمات والنور﴾ [الأنعام: ١] وقوله: ﴿خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٧].