وهي استعارةٌ؛ لأنَّ الذِّلَّ في الدوابِّ لأنه ضدُّ الصعوبة، فاستعير للأناسيِّ، كما أن الذُّلَّ بالضمَّ ضدُّ العِزِّ.
قوله: ﴿مِنَ الرحمة﴾ فيه أربعةُ أوجهٍ، أحدُها: أنها للتعليل فتتعلق ب» اخفِضْ «، أي: اخفِضْ مِن أجل الرحمة. والثاني: أنها لبيانِ الجنس. قال ابنُ عطية:» أي: إنَّ هذا الخفضَ يكون من الرحمة المستكنَّة في النفس «. الثالث: أن تكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ مِنْ» جَناح «. الرابع: أنها لابتداءِ الغاية. قوله: ﴿كَمَا رَبَّيَانِي﴾ في هذه الكافِ قولان، أحدهما: أنها نعتٌ لمصدرٍ محذوف، فقدَّره الحوفيُّ:» ارْحَمْهما رحمةً مثلَ تربيتِهما لي «. وقدَّره أبو البقاء:» رحمةً مثلَ رحمتِهما «، كأنه جعل التربيةَ رحمةً. الثاني: أنها للتعليل، أي: ارْحَمْهما لأجلِ تربيتِهما كقولِه: ﴿واذكروه كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨].
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُبَذِّرْ﴾ : التَّبْذِيرُ: التفريق ومنه: البَذْرُ «لأنه يُفَرِّق في الأرض للزراعة. قال:

٣٠٥ - ٤- ترائبُ يَسْتَضِيءُ الحَلْيُ فيها كجَمْر النارِ بُذِّرَ بالظَّلامِ
ثم غَلَبَ في الإِسرافِ في النفقةِ.
قوله تعالى: ﴿ابتغآء رَحْمَةٍ﴾ : يجوز أَنْ يكونَ مفعولاً من أجله، ناصبُه «تُعْرِضَنَّ» وهو مِنْ وَضْعِ المُسَبَّب موضعَ السببِ، وذلك أن


الصفحة التالية
Icon