قوله: ﴿لَّوْلاَ يَأْتُونَ﴾ تخصيصٌ فيه معنى الإِنكار. و» عليهم «، أي: على عبادتِهم أو على اتَّخاذهم، فَحُذِفَ المضافُ للعِلْمِ به. ولا يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ التخضيضية صفةً ل» آلهةً «لفساده معنى وصناعةً، لأنها جملةٌ طلبيةٌ. فإنْ قلت: أُضْمِرُ قولاً كقوله:
٣١٣ - ٠- جاؤُوا بِمَذْقٍ هل رَأَيْتَ الذئبَ قطّْ
لم يساعِدْك المعنى لفسادِه عليه.
قوله تعالى: ﴿وَإِذِ اعتزلتموهم﴾ :«إذا» منصوبٌ بمحذوف، أي: وقال بعضُهم لبعضٍ وقتَ اعتزالِهم. وجَوَّز بعضُهم أَنْ تكونَ «إذ» للتعليل، أي: فَأْووا إلى الكهفِ لاعتزاِلكم إياهم، وهو قولٌ مَقُولٌ لكنَّه لا يَصِحُّ.
قوله: ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ يجوز في «ما» ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أَنْ تكونَ بمعنى الذي، والعائدُ مقدرٌ، أي: واعْتَزَلْتُم الذي يعبدونه. و «إلا الله» يجوز فيه أن يكونَ استثناءً متصلاً، فقد رُوي أنهم كانوا يعبدون اللهَ ويُشْرِكون به غيرَه، ومنقطعاً، فقد رُوي أنهم كانوا يعبدون الأصنام فقط. والمستثنى منه يجوز أن يكونَ الموصولَ، وأن يكون عائدَه، والمعنى واحد.
والثاني: أنها مصدريةٌ، أي: واعتزلتُمْ عبادَتهم، أي: تركتموها. و «إلا اللهَ» على حَذْفِ مضاف، أي: إلا عبادةَ اللهِ. وفي الاستثناء الوجهان المتقدمان.
الثالث: أنها نافيةٌ، وأنَّه مِنْ كلامِ الله تعالى، وعلى هذا فهذه الجملةُ
الصفحة التالية