والثاني: أن تكونَ الواوُ للحالِ، والجملةُ في محلِّ النصب، أي: نفعل التسييرَ في حال حَشْرِهم ليشاهدوا تلك الأهوالَ. والثالث: قال الزمخشري: «فإن قلتَ: لِمَ جِيْءَ ب» حَشَرْناهم «ماضياً بعد» نُسَيِّر «و» تَرَى «؟ قلت: للدلالة على أنَّ حَشْرَهم قبل التَّسْييرِ وقبل البروزِ ليعاينوا تلك الأهوالَ العِظامَ، كأنه قيل: وحَشَرناهم قبل ذلك».
قال الشيخ: «والأَوْلَى أَنْ تكونَ الواوُ للحال» فَذَكَرَ نحواً ممَّا قدَّمْتُه.
قوله: «فلم نغادِر» عطفٌ على «حَشَرْناهم» فإنه ماضٍ معنى. والمغادَرَةُ هنا: بمعن الغَذْر وهو الترك، أي: فلم نتركْ. والمفاعلةُ هنا ليس فيها مشاركةٌ. وسُمِّيَ الغَدْرُ غَدْراً لأنَّ به تُرِكَ الوفاءُ. وغَديرُ الماء مِنْ ذلك لأنَّ السيلَ غادَرَه، أي: تَرَكَه فلم يَجِئْهُ أو ترك فيه الماءَ، ويُجْمع على «غُدُر» و «غُدْران» كَرغِيف ورُغْفان، واسْتَغْدَرَ الغَدِيرَ: صار فيه الماء. والغَدِيْرة: الشَّعْرُ الذي تُرِكَ حتى طالَ. والجمع غَدائِر. قال امرؤ القيس:

٣١٦ - ٨- غَدائِرُه مُسْتَشْزِراتٌ إلى العُلا .............................
وقرأ قتادة «فلم تُغادِرْ» بالتاءِ من فوقُ، والفاعلُ ضميرُ الأرض، ِ أو الغَدْرَةِ المفهومةِ من السياق. وأبان «يُغادَرْ» مبنياً للمفعول، «أحدٌ» بالرفع.


الصفحة التالية
Icon