فقلتُ وفي الأحشاءِ داءٌ مُخامِرٌ | ألا حَبَّذا يا عَزُّ ذاك التَّشايُرُ |
قوله:
﴿مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً﴾ في
«كان» هذه أقوالٌ. أحدُها: أنها زائدةٌ وهو قولُ أبي عبيد، أي: كيف نُكَلِّمُ مَنْ في المهد. و
«صَبِيَّا» على هذا نصبٌ على الحالِ من الضمير المستتر في الجارِّ والمجرورِ الواقع صلةً. وقد رَدَّ أبو بكرٍ هذا القولَ - أعني كونَها زائدةً - بأنها لو كانَتْ زائدةً لَما نَصَبَتِ الخبرَ، وهذه قد نصَبتْ
«صَبيَّا». وهذا الردُّ مردودٌ بما ذكرتُه مِنْ نصبِه على الحال لا الخبرِ.
الثاني: أنها تامةٌ بمعنى حَدَث ووُجد. والتقدير: كيف نكلِّم مَنْ وُجْد صبيَّا، و
«صَبِيَّاً» حال من الضمير في
«كان».
الثالث: أنها بمعنى صار، أي: كيف نُكَلِّم مَنْ صار في المهد صَبِيَّا، و
«صَبِيَّا» على هذا خبرُها، فهو كقوله:
٣٢٣ - ٧-.......................... | قَطا الحَزْن قد كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها |
الرابع: أنها الناقصةُ على بابها مِنْ دلالتِها على اقتران مضمونِ الجملة بالزمان الماضي مِنْ غيرِ تَعَرُّضٍ للانقطاع كقوله تعالى:
﴿وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً﴾ [النساء: ٩٦]، ولذلك يُعَبِّر عنها بأنها ترادِف
«لم تَزَلْ». قال الزمخشري:
«كان» لإِيقاع مضمون الجملة في زمانٍ ماضٍ مبهمٍ صالحٍ للقريبِ والبعيد.