عند مَنْ يرى ذلك. ولا جائزٌ أن تكونَ استفهاميةً؛ لأنه يلزمُ أَنْ يعملَ فيها ما قبلها، وأسماءُ الاستفهامِ لها صدرُ الكلامِ، فيتعيَّنُ أن تكونَ شرطيةً لأنها منحصرةٌ في هذين المعنيين.
قوله: «ما دُمْتُ» «ما» مصدريةٌ ظرفيةٌ وتقدُّمُ [ما] على «دام» شرطٌ في إعمالها. والتقدير: مدةَ دوامي حياً. ونقل ابن عطية عن عاصمٍ وجماعة أنهم قرؤوا «دُمْتُ» بضم الدال، وعن ابن كثير وأبي عمرو وأهلِ المدينة «دِمت» بكسرها، وهذا لم نَرَه لغيره وليس هو موجوداً في كتب القراءات المتواترة والشاذة التي بين أيدينا، فيجوز أن يكون اطَّلَعَ عليه في مصحفٍ غريب. ولا شك أنَّ في «دام» لغتين، يقال: دُمْتَ تَدُوْم، وهي اللغةُ العالية، ودِمْتَ تَدام كخِفْتَ تَخاف، وهذا كما تقدم لك/ في مات يموت وماتَ يَمات.
قوله تعالى: ﴿وَبَرّاً﴾ : العامَّةُ بفتحِ الباء، وفيه تأويلان، أحدُهما: أنه منصوبٌ نَسَقاً على «مباركاً»، أي: وجَعَلَنِي بَرَّاً. والثاني: أنَّه منصوبٌ بإضمارِ فعلٍ. واخْتِير هذا على الأولِ لأنَّ فيه فَصْلاً كثيراً بجملةِ الوصيَّةِ ومتعلِّقِها.
وقُرئ «بِرَّاً» بكسرِ الباءِ: إمَّا على حَذْفِ مضاف، وإمَّا على المبالغة في جَعْلِه نفسَ المصدر. وقد تقدَّم في البقرة أنه يجوز أن يكونَ وصفاً على


الصفحة التالية
Icon