قوله: ﴿إِذَا﴾ : هذه فجائيةٌ. وقد تقدَّمَ الخلافُ فيها مُشْبَعاً. و «هم» مبتدأٌ، و «يَرْكُضون» خبرُه، وتقدَّم في أولِ هذه الموضوعِ أنَّ هذه الآيةَ وأمثالَها دالَّةٌ على أن «لَمَّا» ليست ظرفيةً، بل حرفُ وجوبٍ لوجوب لأنَّ الظرفَ لا بُدَّ له مِنْ عاملٍ ولا عاملَ هنا لأنَّ ما بعدَ إذا لا يعملُ فيما قبلَها. والجواب: أنه عَمِل فيها معنى المفاجأةِ المدلولِ عليه ب «إذا».
والضميرُ في «مِنْها» يعودُ على «قرية». ويجوز أَنْ يعودَ على «بَأْسَنا» لأنه في معنى النِّقْمة والبأساء، فَأَنَّثَ الضميرَ حملاً على المعنى. و «مِنْ» على الأولِ لابتداءِ الغايةِ، وللتعليل على الثاني. والرَّكْضُ: ضَرْبُ الدابَّة بالرِّجْلِ. يُقال: رَكَضَ الدابَّةَ يَرْكُضها رَكْضاً.
قوله: ﴿فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾ : اسم «زالَتْ» «تلك» و «دعواهم» الخبرُ، هذا هو الصواب. وقد قال الحوفي والزمخشري وأبو البقاء بجواز العكس. وهو مردودٌ بأنه إذا خَفِي الإِعرابُ مع استوائِهما في المُسَوِّغ لكونِ كلٍ منهما اسماً أو خبراً وَجَبَ جَعْلُ المتقدِّم اسماً والمتأخرِ خبراً، وهو من باب «ضرب موسى عيسى» وقد تقدَّم إيضاحُ هذا في أول سورة الأعراف. وهناك شيءٌ لا يتأتى ههنا فَلْيُلْتَفَتْ إليه. و «تلك» إشارةٌ إلى الجملةِ المقولة.


الصفحة التالية
Icon