وهذا لا يجوز عند البصريين، ولا يَحْتَاج إلى حَذْفٍ البتةَ لأنَّ» ما «إذا كانَتْ مصدريةً لم تحتجْ إلى عائدٍ، فإنْ جعلتَها بمعنى الذي حَذَفْتَ العائدَ، ولم يُحْتَجْ إلى إضمار» مِنْ «. يعني أنَّه يُقَدَّرُ: تَشْربونه من غيرِ حرفِ جرّ، وحينئذٍ تكون شروطُ الحذفِ أيضاً موجودةً، ولكنه تَفُوْتُ المقابلةُ إذ قولُه ﴿تَأْكُلُونَ مِنْهُ﴾ فيه تبعيضٌ، فَلَوْ قَدَّرْتَ هذا: تشربونه مِنْ غير» مِنْ «فاتَتْ المقابلةُ. ثم إنَّ قولَه:» وهو لا يجوز عند البصريين «ممنوع بل هو جائزٌ لوجود شروطِ الحذف.
قوله: ﴿إِذَنْ﴾ : قال الزمخشري: «واقعٌ في جزاءِ الشرط وجوابٌ للذين قاولوهم مِنْ قومِهم». قال الشيخ: «وليس» إذن «واقعاً في جزاءِ الشرط بل واقعاً بين» إنَّكم «والخبر، و» إنكم «والخبرُ ليس جزاءً للشرط، بل ذلك جملةٌ جوابِ القَسمِ المحذوفِ قبل» إن «الشرطيةِ. ولو كانت» إنكم «والخبرُ جواباً للشرطِ، لَزِمَتِ الفاءُ في» إنكم «، بل لو كان بالفاءِ في تركيبِ غيرِ القرآنِ لم يكنْ ذلك التركيبُ جائزاً إلاَّ عند الفراءِ. والبصريون لا يُجيزونه. وهو عندهم خطأٌ».
قلت: يعني أنه إذا توالَى شرطٌ وقسم أُجيب سابقُهما، والقَسَمُ هنا متقدِّمٌ فينبغي أَنْ يُجَابَ ولا يجابَ الشرطُ، ولو أُجيب الشرطُ لاختلَّتْ القاعدةُ إلاَّ عند بعضِ الكوفيين، فإنَّه يُجيب الشرطَ وإنْ تأخَّر. وهو موجودٌ في الشعر.
قوله: ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ﴾ : الآيةُ في إعرابها ستةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّ اسم «أنَّ» الأولى مضافٌ لضميرِ الخطاب حُذِفَ وأقيم المضافُ إليه مُقامَه، والخبرُ قولُه: ﴿إِذَا مِتٌّمْ﴾ و ﴿أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ﴾ تكريرٌ ل «أنَّ» الأولى للتأكيدِ والدلالةِ على المحذوفِ والمعنى: أنَّ إخراجَكم إذا مِتُّمْ وكُنْتُم.