قوله: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ : أي بالقرآن، أو بتركِ الطاعةِ المدلولِ عليها بقولهِ ﴿فَلاَ تُطِعِ﴾، أو بما دَلَّ عليه ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً﴾ مِنْ كونِه نذيرَ كافةِ القُرى أو بالسيف.
قوله: ﴿مَرَجَ البحرين﴾ : في مَرَجَ قولان، أحدهما: بمعنى: خَلَطَ ومَرَجَ، ومنه مَرَجَ الأمرُ أي: اختلط قاله ابن عرفة. وقيل: مَرَجَ: أجرى. وأَمْرَجَ لغةٌ فيه. قيل: مَرَجَ لغةُ الحجاز، وأَمْرَجَ لغةُ نجدٍ. وفي كلامِ بعضِ الفصحاء: «بَحْران أحدُهما بالآخرِ ممروجٌ، وماءُ العذب منهما بالأُجاج ممروج».
قوله: ﴿هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ هذه الجملةُ لا محلَّ لها لأنها مستأنفةٌ، جوابٌ لسؤالٍ مقدرٍ. كأنَّ قائلاً قال: كيف مرْجُهما؟ فقيل: هذا عَذْبٌ وهذا مِلْحٌ. ويجوز على ضَعْفٍ أن تكونَ حاليةً. والفُراتُ المبالِغُ في الحلاوةِ. والتاءُ فيه أصليةٌ لامُ الكلمةُ. ووزنُه فُعال، وبعضُ العربِ يقفُ عليها هاءً. وهذا كما تقدَّم لنا في التابوت. ويُقال: سُمِّي الماءُ الحُلْوُ فُراتاً؛ لأنه يَفْرُتُ العطشَ أي: يَشُقُّه ويَقْطَعُه. والأُجاج: المبالِغُ في الملُوحة. وقيل: في الحرارةِ. وقيل: في المَرارة، وهذا من أحسنِ المقابلةِ، وحيث قال تعالى عَذْبٌ فُراتٌ ومِلْحٌ أُجاجٌ. وأنشدْتُ لبعضهم:
٣٤٨٧ - فلا واللهِ لا أَنْفَكُّ أَبْكي | إلى أَنْ نَلْتَقِي شُعْثاً عُراتا |
أألحى إنْ نَزَحْتُ أُجاجَ عَيْني | على جَدَثٍ حوى العَذْبَ الفُراتَا |