النملةَ بالحمامةِ والشاةِ ففيهما قَدْرٌ مشتركٌ يتميَّزُ فيهما المذكرُ من المؤنثِ فيمكن أَنْ يقول: حمامةٌ ذَكَرٌ وحمامةٌ أنثى فتمييزُه بالصفة، وأمَّا تمييزُه ب هو وهي فإنه لا يجوزُ. لا تقول: هو الحمامةُ ولا هو الشاةُ، وأمَّا النملةُ والقملةُ فلا يَتَمَيَّزُ فيه المذكرُ من المؤنثِ فلا يجوز في الإِخبار إلاَّ التأنيثُ، وحكمُه حكمُ المؤنثِ بالتاءِ من الحيوان نحو: المرأة، أو غيرِ العاقل كالدابَّة، إلاَّ إنْ وَقَعَ فَصْلٌ بين الفعلِ وبين ما أُسْنِدَ إليه من ذلك، فيجوزُ أَنْ تَلحق العلامةُ وأن لا تَلْحَقَها على ما تقرَّر في علم العربية «انتهى.
أمَّا ما ذكره ففيه نظرٌ: من حيث إنَّ التأنيثَ: أمَّا لفظيٌّ أو معنويٌّ، واللفظيُّ لا يُعتبر في لحاقِ العلامةِ البتة، بدليلِ أنه لا يجوز:» قامَتْ ربعةُ «وأنت تعني رجلاً؛ ولذلك لا يجوز: قامت طلحةُ ولا حمزةُ عَلَمَيْ مذكرٍ، فَتَعَيَّنَ أن يكونَ اللَّحاقُ إنما هو للتأنيثِ المعنويِّ، وإنما تعيَّن لفظُ التأنيثِ والتذكيرِ في بابِ العددِ على معنى خاصٍّ أيضاً: وهو أنَّا ننظر إلى ما عامَلَتِ العربُ ذلك اللفظَ به من تذكيرٍ أو تأنيثٍ، من غيرِ نَظَرٍ إلى مدلولهِ فهناك له هذا الاعتبارُ، وتحقيقُه هنا يُخْرِجُنا عن المقصودِ، وإنما نَبَّهْتُك على القَدْرِ المحتاج إليه.
وأمَّا قولُه:» وأمَّا النملةُ والقَمْلةُ فلا يَتَمَيَّزُ «يعني: لا يُتَوَصَّلُ لمعرفةِ الذَّكرِ منهما ولا الأنثى بخلافِ الحمامةِ والشاةِ؛ فإنَّ الاطلاعِ على ذلك ممكنٌ فهو أيضاً ممنوعٌ. قد يمكن الاطلاعُ على ذلك، وإنَّ الاطلاع على ذكوريَّةِ الحمامةِ والشاةِ أسهلُ من الاطلاعِ على ذُكورِيَّةِ النملةِ والقملةِ. ومَنْعُه أيضاً أن يقال: هو الشاةُ، وهو الحمامة، ممنوعٌ.