أنها من العُدْوان والاعتداء، وقد تقدَّم شَرْحُه، واعتراضُ أبي الفضل عليه: بأنه كان ينبغي أَنْ يتعَدَّى ب» على «، وتقدَّم جوابُه. وقرأ الحسن» تَعْدُّونها «بسكون العين وتشديدِ الدالِ، وهو جمعٌ بين ساكنَيْن على غيرِ حَدَّيْهما.
قوله: ﴿مِمَّآ أَفَآءَ﴾ : بيانٌ لِما مَلَكَتْ وليس هذا قَيْداً، بل لو ملكَتْ يمينُه بالشراء كان الحكمُ كذا، وإنما خَرَجَ مَخَرَجَ الغالِب.
قوله: «وامرأةً» العامَّةُ على النصب. وفيه وجهان، أحدهما: أنها عطفٌ على مفعولِ «أَحْلَلْنا» أي: وأَحْلَلْنا لك امرأةً موصوفةً بهذين الشرطين. قال أبو البقاء: «وقد رَدَّ هذا قومٌ وقالوا:» أَحْلَلْنا «ماضٍ و» إنْ وَهَبَتْ «وهو صفةُ المرأة مستقبلٌ، فأَحْلَلْنا في موضع جوابِه، وجوابُ الشرط لا يكونُ ماضياً في المعنى» قال: «وهذا ليس بصحيحٍ لأنَّ معنى الإِحلالِ ههنا الإِعلامُ بالحِلِّ إذا وقع الفعلُ على ذلك كما تقول: أَبَحْتُ لك أَنْ تُكلِّمَ فلاناً إنْ سَلَّم عليك». الثاني: أنه ينتصِبُ بمقدرٍ تقديرُه: ويُحِلُّ لك امرأةً.
قوله: «إنْ وَهَبَتْ... إنْ أرادَ» هذا من اعتراضِ الشرط على الشرطِ، والثاني هو قيدٌ في الأولِ، ولذلك نُعْرِبه حالاً، لأنَّ الحالَ قيدٌ. ولهذا اشترط الفقهاءُ أن يتقدَّمَ الثاني على الأولِ في الوجود. فلو قال: «إنْ أكلْتِ إنْ ركبْتِ فأنتِ طالقٌ» فلا بُدَّ أنْ يتقدَّم الركوبُ على الأكلِ. وهذا لِتَتَحَقَّقَ الحاليةُ والتقييدُ كما ذكرْتُ لك؛ إذ لو لم يتقدَّمْ لخلا جزءٌ من الأكل غيرُ مقيدٍ بركوبٍ، فلهذا اشترطُوا تقدُّمَ الثاني. وقد مضى تحقيقُ هذا، وأنَّه بشرطِ أَنْ لا تكونَ ثَمَّ قرينةٌ تمنعُ من تقدُّمِ الثاني على الأولِ. كقولك: «إنْ تَزَوَّجْتُكِ إنْ طَلَّقْتُكِ فعَبْدي حُرٌّ» لا يُتَصَوَّرُ هنا تقديمُ الطلاق على التزويج.