والخفضُ على أنه نعتٌ ل «رِجْز» إلاَّ أن مكيَّاً ضَعَّفَ قراءةَ الرفعِ واستبعدها قال: «لأنَّ الرِّجْزَ هو العذابُ فيصير التقديرُ: عذابٌ أليمٌ مِنْ عذاب، وهذا معنى غيرُ متَمكِّنٍ». قال: «والاختيارُ خفضُ» أليم «لأنه أصَحُّ في التقدير والمعنى؛ إذ تقديرُه: لهم عذاب مِنْ عذاب أليم، أي: هذا الصنفُ مِنْ أصنافِ العذابِ لأنَّ العذابَ بعضُه آلمُ مِنْ بعض». قلت: وقد أُجيبَ عَمَّا قاله مكيٌّ: بأنَّ الرِّجْزَ مُطلق العذاب، فكأنه قيل لهم: هذا الصنفُ من العذابِ من جنسِ العذاب. وكأن أبا البقاءِ لَحَظَ هذا حيث قال: «وبالرفعِ صفةً ل عذاب، والرِّجْزُ مُطْلَقُ العذابِ».
قوله: «والذين سَعَوْا» يجوز فيه وجهان، أظهرهما: أنها مبتدأٌ و «أولئك» وما بعده خبرُه. والثاني: أنه عطفٌ على الذين قبلَه أي: ويَجْزي الذين سَعَوْا، ويكون «أولئك» الذي بعده مستأنفاً، و «أولئك» الذي قبله وما في حَيِّزه معترضاً بين المتعاطفَيْن.
قوله: ﴿وَيَرَى الذين أُوتُواْ العلم﴾ : فيه وجهان، أحدهما: أنه عطفٌ على «ليَجْزِيَ» قال الزمخشري: «أي: وليعلمَ الذين أُوتُوا العِلْمَ عند مجيءِ الساعة». قلت: إنما قَيَّده بقولِه: «عند مجيءِ السَّاعةِ» لأنه عَلَّق «ليجزيَ» بقوله: «لتأتينَّكم» ؛ فبنى هذا عليه، وهو من أحسنِ ترتيب. والثاني: أنه مستأنَفٌ أخبر عنهم بذلك، و «الذي أُنْزِلَ» هو المفعول الأولُ و «هو» فصلٌ و «الحقَّ» مفعولٌ ثانٍ؛ لأنَّ الرؤيةَ عِْلمية.