قوله: «كذلك» فيه وجهان، أظهرهما: أنه متعلِّقٌ بما قبله أي: مختلفٌ اختلافاً مثلَ الاختلافِ في الثمرات والجُدَدِ. والوقفُ على «كذلك». والثاني: أنه متعلِّقٌ بما بعده، والمعنى: مثلَ ذلك/ المطرِ والاعتبارِ في مخلوقات الله تعالى واختلافِ ألوانِها يَخْشَى اللَّهَ العلماءُ. وإلى هذا نحا ابن عطية وهو فاسدٌ من حيث إنَّ ما بعد «إنَّما» مانِعٌ من العمل فيما قبلها، وقد نَصَّ أبو عُمر الداني على أنَّ الوقفَ على «كذلك» تامٌّ، ولم يَحْكِ فيه خِلافاً.
قوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى الله﴾ العامَّةُ على نصب الجلالة ورفع «العلماءُ» وهي واضحةٌ. وقرأ عمرُ بن عبد العزيز وأبو حنيفةَ فيما نقل الزمخشريُّ وأبو حيوةَ - فيما نَقَلَ الهذليُّ في كامله - بالعكس، وتُؤُوِّلت على معنى التعظيم، أي: إنما يُعَظِّمُ اللَّهُ مِنْ عبادِه العلماءَ. وهذه القراءة شبيهةٌ بقراءة ﴿وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ﴾ [البقرة: ١٢٤] برفع «إبراهيم» ونصب «رَبَّه» وقد تقدَّمَتْ.
قوله: ﴿إِنَّ الذين يَتْلُونَ﴾ : في خبر «إنَّ» وجهان، أحدهما: الجملةُ مِنْ قولِه «يَرْجُون» أي: إنَّ التالِين يَرْجُون و «لن تبورَ» صفةُ «تجارةً» و «لِيُوَفِّيَهُمْ» متعلقٌ ب «يَرْجُون» أو ب «تَبُور» أو بمحذوفٍ أي: فعلوا ذلك ليوفِّيهم، وعلى الوجهين الأوَّلَيْن يجوزُ أَنْ تكونَ لام العاقبة. الثاني: أن الخبرَ ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ جَوَّزه الزمخشري على حَذْفِ العائدِ أي: غفورٌ لهم. وعلى هذا ف «يَرْجُون» حالٌ مِنْ «أنْفَقُوا» أي: أَنْفَقوا ذلك راجين.


الصفحة التالية
Icon