المتاعبِ كدارِ الدنيا، ولا يَمَسُّنا فيها لُغوبٌ أي: ولا نَخْرُج منها إلى مواضعَ نَتْعَبُ ونَرْجِعُ إليها فيمسُّنا فيها الإِعياء. وهذا الجوابُ ليس بذلك، والذي يقال: إن النَّصَب هو تعبُ البدنِ واللُّغوبُ تعبُ النفسِ. وقيل: اللغوبُ الوَجَعُ وعلى هذين فلا يَرِدُ السؤالُ المتقدِّمُ.
وقرأ عليٌّ والسُّلميُّ بفتح لام «لَغُوْب» وفيه أوجه، أحدها: أنَّه مصدرٌ على فَعُوْل كالقَبول. / والثاني: أنه اسمٌ لِما يُلْغَبُ به كالفَطور والسَّحور. قاله الفراء. الثالث: أنه صفةٌ لمصدرٍ مقدرٍ أي: لا يَمَسُّنا لُغوبٌ لَغوبٌ نحو: شعرٌ شاعرٌ ومَوْتٌ مائتٌ. وقيل: صفةٌ لشيءٍ غيرِ مصدرٍ أي: أمرٌ لَغوبٌ.
قوله: ﴿فَيَمُوتُواْ﴾ : العامَّةُ على نصبِه بحذفِ النونِ جواباً للنفي. وهو على أحدِ معنَييْ نَصْبِ «ما تأتينا فتحدِّثَنا»، أي: ما يكون منك إتيانٌ فلا حديثٌ، انتفى السببُ وهو الإِتيانُ، فانتفى مُسَبَّبُه وهو الحديثُ. والمعنى الثاني: إثباتُ الإِتيانِ ونفيُ الحديثِ أي: ما تأتينا محدِّثاً بل تأتينا غيرَ مُحَدِّثٍ. وهذا لا يجوزُ في الآيةِ البتةَ.
وقرأ عيسى والحسن «فيموتون» بإثباتِ النونِ. قال ابنُ عطية: «هي ضعيفةٌ». قلت: وقد وَجَّهها المازنيُّ على العطفِ على ﴿لاَ يقضى عَلَيْهِمْ﴾ فلا يموتون. وهو أحدُ الوجهين في معنى الرفعِ في قولك: «ما تأتينا فتحدِّثنا» أي: انتفاءُ الأمرَيْن معاً، كقولِه: ﴿وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٦]، أي: