قوله: «سَيَغْلِبون» خبرُ المبتدأ. و ﴿مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ متعلقٌ به. والعامَّةُ - بل نقل بعضُهم الإِجماعَ - على «سَيَغْلِبون» مبنياً للفاعل. فعلى الشهيرةِ واضحٌ أي: مِنْ بعدِ أن غَلَبَتْهُمْ فارسُ سيَغْلِبون فارسَ. وأمَّا على القراءةِ الثانيةِ فأخبرَ أنهم سيَغْلبون ثانياً بعد أن غَلَبوا أولاً. ورُوِي عن ابنِ عمرَ أنه قرأ ببنائه للمفعول. وهذا مخالِف لِما وَرَدَ في سبب الآية وما وَرَدَ في الأحاديث. وقد يُلائم هذا بعضَ ملاءَمَةٍ مَنْ قرأ «غَلَبَتْ» مبنياً للفاعلِ. وقد تقدَّم أن ابن عمرَ ممَّن يقرأُ بذلك. وقد خَرَّج النحاسُ قراءةَ عبدِ الله بن عمرَ على تخريجٍ حَسَنٍ، وهو أن المعنى: وفارسُ مِنْ بعدِ غَلَبِهم للرومِ سيُغْلَبون. إلاَّ أنَّ فيه إضمارَ ما لم يُذْكَرْ، ولا جَرى سببُ ذِكْرِه.
قوله: ﴿فِي بِضْعِ﴾ : متعلِّقٌ بما قبلَه. وتقدَّم تفسيرُ البِضْع واشتقاقُه في يوسف. وقال الفراء: «الأصلُ في» غَلَبِهم «: غَلَبَتِهم بتاءِ التأنيثِ فَحُذِفت للإِضافة ك» وإقامَ الصلاةِ «. وغَلَّطه النحاسُ: بأنَّ إقامَ الصلاةِ قد يُقال فيه ذلك لاعتلالِها، وأمَّا هنا فلا ضرورةَ تَدْعو إليه.


الصفحة التالية
Icon