بالجمع؛ لأنَّ مِنْ جملة الأوجهِ المتقدمةِ أنْ يكونَ» أزواج «خبراً عن» آخر «أو نعتاً له كما تقدَّم. وعنه جوابان، أحدُهما: أن التقديرَ: وعذابٌ آخرُ أو مَذُوقٌ، وهو ضُروب ودرجاتٌ فكان في قوةِ الجمع. أو يُجْعَلُ كلُّ جزءٍ من ذلك الآخرِ مثلَ الكلِّ، وسمَّاه باسمِه وهو شائعٌ كثيرٌ نحو: غليظ الحواجب، وشابَتْ مفارِقُه. على أنَّ لقائلٍ أنْ يقولَ: إنَّ أزواجاً صفةٌ لثلاثةِ الأشياءِ المتقدِّمة، أعني الحميم والغَسَّاق وآخرُ مِنْ شكلِه فيُلْغى السؤالُ.
قوله: ﴿مُّقْتَحِمٌ﴾ : مفعولُه محذوفٌ أي: مقتحِمٌ النارَ. والاقتحام: الدخولُ في الشيء بشدَّة، والقُحْمَةُ: الشدةُ. وقال الراغب: الاقتحام توسُّطُ شِدَّةٍ مُخيفةٍ. ومنه قَحَمَ الفرسُ فارسَه أي: توغَّل به ما يُخافُ منه/. والمقاحيم: الذين يَتَقَحَّمون في الأمر الذي يُتَجَنَّب «.
قوله:» معكم «يجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً ثانياً ل فَوْج، وأَنْ يكونَ حالاً منه لأنه قد وُصِفَ، وأَنْ يكونَ حالاً من الضمير المستتر في» مُقْتَحِم «. قال أبو البقاء:» ولا يجوزُ أَنْ يكونَ ظرفاً لفسادِ المعنى «، ولم أَدْرِ مِنْ أَيِّ أوجهٍ يَفْسُدُ، والحاليةُ والصفةُ في المعنى كالظرفية؟
وقوله:» هذا فَوْجٌ «إلى قوله:» النار «يجوز أَنْ يكونَ مِنْ كلامِ الرؤساء بعضِهم لبعضِ، وأَنْ يكونَ مِنْ كلامِ الخَزَنَةِ، ويجوز أَنْ يكونَ» هذا فَوْجٌ «مِنْ كلامِ الملائكة، والباقي من كلام الرؤساء، وكان القياسُ على هذا أَنْ يُقال: بل هم لا مَرْحباً بهم لأنهم لا يقولون للملائكة ذلك، إلاَّ أنهم عَدَلُوا عن خطاب الملائكةِ إلى خطابِ أعدائِهم تَشَفِّياً منهم.