أحدُهما: أنَّه مرفوعٌ بالفاعليةِ رافعُه «مُخْلِصاً»، وعلى هذا فلا بُدَّ مِنْ تجوُّزٍ وإضمارٍ. أمَّا التجوزُ فإسنادُ الإِخلاصِ للدين وهو لصاحبِه في الحقيقة. ونظيرُه قولُهم: شعرٌ شاعرٌ. وأمَّا الإِضمارُ فهو إضمارٌ عائدٌ على ذي الحالِ أي: مُخْلِصاً له الدينَ منك، هذا رَأْيُ البصريين في مثل هذا. وأمَّا الكوفيون فيجوزُ أَنْ يكونَ عندهم أل عوضاً مِن الضميرِ أي: مُخْلِصاً ديْنَك. قال الزمخشري: «وحَقٌّ لمَنْ رَفَعه أَنْ يَقرأ» مُخْلَصاً «بفتحِ اللامِ لقولِه تعالى: ﴿وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ﴾ [النساء: ١٤٦] حتى يطابقَ قولَه: ﴿أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص﴾، والخالِصُ والمُخْلَص واحدٌ إلاَّ أَنْ يصفَ الدينَ بصفةِ صاحبِه على الإِسنادِ المجازيِّ كقولِهم: شعرٌ شاعرٌ». والثاني: أَنْ يَتِمَّ الكلامُ على «مُخْلِصاً» وهو حالٌ مِنْ فاعلِ «فاعبدْ» و «له الدينُ» مبتدأٌ وخبرٌ، وهذا قولُ الفراء. وقد رَدَّه الزمخشري، وقال: «فقد جاء بإعرابٍ رَجَع به الكلامُ إلى قولِك:» لله الدينُ « ﴿أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص﴾ قلت: وهذا الذي ذكره الزمخشريُّ لا يظهرُ فيه رَدٌّ على هذا الإِعرابِ.
قوله: ﴿والذين اتخذوا﴾ : يجوز فيه أوجهٌ، أحدها: أن يكونَ «الدينُ» مبتدأً، وخبرُه قولٌ مضمرٌ حُذِف وبقي معمولُه وهو قولُه «ما نَعْبُدهم». والتقديرُ: يقولون ما نعبدهم. الثاني: أن يكونَ الخبرُ قولَه: ﴿إِنَّ الله يَحْكُمُ﴾ / ويكونُ ذلك القولُ المضمرُ في محلِّ نصبٍ على الحال أي: