قوله: ﴿فِي هذه الدنيا﴾ : يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بالفعل قبله؛ وحُذِفَت صفةُ «حسنةٌ»، إذ المعنى: حسنة عظيمة؛ لأنه لا يُوْعَدُ مَنْ عمل حسنةً في الدنيا، حسنةً مطلقاً بل مقيَّدةً بالعِظَم، وأنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها حالٌ مِنْ حسنة كانَتْ صفةً لها، فلمَّا تَقَدَّمَتْ بقيَتْ حالاً. و «بغيرِ حسابٍ» حالٌ: إمَّا مِنْ «أَجْرَهم»، وإمَّا من «الصابرون» أي: غيرَ محاسَبٍ عليه، أو غيرَ محاسَبين.
قوله: ﴿وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ﴾ : في هذه اللامِ وجهان، أحدهما: أنها للتعليلِ تقديره: وأُمِرْتُ بما أُمِرْتُ به لأَنْ أكونَ. قال الزمخشري: «فإن قلتَ: كيف عَطَفَ» أُمِرْت «على» أُمِرت «وهما واحدٌ؟ قلت: ليسا بواحدٍ لاختلافِ جهتيهما: وذلك أنَّ الأمرَ بالإِخلاصِ وتكليفَه شيءٌ، والأمرَ به ليُحْرِز به قَصَبَ السَّبْقِ في الدين شيءٌ آخرُ. وإذا اختلفَ وجها الشيء وصفتاه يُنَزَّل بذلك مَنْزِلَةَ شيئين مختلفين». والثاني أن تكونَ اللامُ مزيدةً في «أَنْ». قال الزمخشري: «ولك أن تَجْعَلَ اللامَ مزِيدَةً، مَثَلُها في قولك:» أَرَدْتُ لأَنْ أفعلَ «ولا تُزاد إلاَّ مع» أَنْ «خاصةً دونَ الاسمِ الصريح، كأنها زِيْدَتْ عوضاً من تَرْكِ الأصل إلى ما يقومُ مَقامَه، كما عُوِّض السينُ في» اسطاع «عوضاً من تَرْكِ الأصل الذي هو أَطْوَعَ. والدليلُ على هذا الوجهِ مجيئُه بغيرِ لامٍ في قولِه: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين﴾ [يونس: ٧٢] ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين﴾ [يونس: ١٠٤] ﴿أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ [الأنعام: ١٤] انتهى.