قوله: ﴿والذي جَآءَ﴾ : بالصدق لَفْظُه مفردٌ، ومعناه جمعٌ لأنه أُريد به الجنسُ. وقيل: لأنه قُصِدَ به الجزاءُ، وما كان كذلك كَثُرَ فيه وقوعُ «الذي» موقع «الذين»، ولذلك رُوْعي معناه فجُمِع في قولِه: ﴿أولئك هُمُ المتقون﴾ كما رُوْعِيَ معنى «مَنْ» في قولِه: «للكافرين» ؛ فإنَّ الكافرين ظاهرٌ واقعٌ موقعَ المُضْمرِ؛ إذ الأصلُ: مثوىً لهم. وقيل: بل الأصلُ: والذين جاء بالصدق، فحُذِفَتِ النونُ تخفيفاً، كقولِه: ﴿وَخُضْتُمْ كالذي خاضوا﴾ [التوبة: ٦٩]. وهذا وهمٌ؛ إذ لو قُصِد ذلك لجاء بعده ضميرُ الجمع، فكان يُقال: والذي جاؤوا، كقوله: «كالذي خاضُوا». ويَدُلُّ عليه أنَّ نونَ التثنيةِ إذا حُذِفَتْ عاد الضميرُ مَثْنى، كقولِه:
٣٨٩٥ - أَبَني كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذا | قَتَلا الملوكَ وفَكَّكا الأَغْلالا |
ولجاءَ كقوله:٣٨٩٦ - وإنَّ الذيْ حانَتْ بفَلْجٍ دماؤُهُمْ | همُ القومُ كلُّ القومِ يا أمَّ خالدِ |
وقرأ عبدُ الله
﴿والذي جَآؤوا بالصدق وَصَدَّقَوا بِهِ﴾ وقد تقدَّم تحقيقُ مثلِ هذه الآيةِ في أوائلِ البقرة وغيرها. وقيل:
«الذي» صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ