قوله: ﴿لاَ يَمَسُّهُمُ السواء﴾ يجوزُ أَنْ تكونَ هذه الجملةُ مفسِّرةً لمفازَتهم كأنَّه قيل: وما مفازَتُهم؟ فقيل: لا يَمَسُّهم السوءُ فلا مَحَلَّ لها. ويجوزُ أَنْ تكونَ في محلِّ نصبٍ على الحال من الذين اتَّقَوا.
قوله: ﴿لَّهُ مَقَالِيدُ﴾ : جملةٌ مستأنفةٌ. والمَقاليد: جمعُ مِقْلاد أو مِقْليد، أو لا واحدَ له مِنْ لفظِه كأَساطير وأخواتِه ويُقال أيضاً: إِقْليد وأَقاليد، وهي المفاتيح والكلمةُ فارسيةٌ مُعَرَّبَةٌ. وفي هذا الكلامِ استعارةٌ بديعة نحو قولك: بيدِ فلانٍ مِفْتاحُ هذا الأمرِ، وليس ثَمَّ مِفْتاح وإنما هو عبارةٌ عن شِدَّةِ تمكُّنِهِ من ذلك الشيءِ. /
قوله: ﴿والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِ الله﴾ في هذه الجملةِ وجهان، أحدُهما: أنَّها معطوفةٌ على قوله: ﴿وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا﴾ [الزمر: ٦١] أي: يُنَجِّي المتقين بمَفازَتِهم، والكافرون هم الخاسرون. واعتُرِضَ بينهما بأنَّه خالِقُ الأشياءِ كلِّها ومُهَيْمِنٌ عليها، قاله الزمخشري. واعترض عليه فخر الدين الرازي: بأنَّه عَطْفُ اسميةٍ على فعليةٍ، وهو لا يجوزُ، وهذا الاعتراضُ مُعْتَرَضٌ [عليه] إذ لا مانعَ من ذلك. الثاني: أنها معطوفةٌ على قولِه: ﴿لَّهُ مَقَالِيدُ السماوات﴾ ؛ وذلك أنه تعالى لَمَّا وَصَفَ نفسَه بأنَّه خالقُ كلِّ شيءٍ في السماوات والأرضِ، ومفاتيحُه بيده، قال: والذين كفروا أَنْ يكونَ الأمرُ كذلك أولئك هم الخاسرون.
قوله: ﴿أَفَغَيْرَ الله تأمروني أَعْبُدُ﴾ : فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: - وهو الظاهرُ - أنَّ «غير» منصوبٌ ب «أَعْبُدُ». و «أعبدُ» معمولٌ ل «تَأْمرونِّي» على إضمارِ «أنْ» المصدريةِ، فلَمَّا حُذِفَت بَطَل عملُها وهو أحد


الصفحة التالية
Icon