قوله: ﴿بَلِ الله فاعبد﴾ : الجلالةُ منصوبةٌ ب «اعبُدْ». وتقدَّم الكلامُ في مثل هذه الفاء/ في البقرة. وجعَلَه الزمخشري جوابَ شرطٍ مقدرٍ أي: إنْ كنتَ عاقلاً فاعبدِ اللَّهَ فَحَذَفَ الشرطَ وجَعَلَ تقديمَ المفعولِ عِوَضاً منه. ورَدَّ الشيخُ عليه: بأنه يجوزُ أَنْ يجيءَ: «زيدٌ فعَمْراً اضرِبْ» فلو كان التقديمُ عِوَضاً لجمع بين العِوَضِ والمُعَوَّض منه. وقرأ عيسى «بل اللَّهُ» رفعاً على الابتداءِ، والعائدُ محذوفٌ أي: فاعْبُدْه.
وقرأ الحسن وأبو حيوة وعيسى «قَدَّروا» بتشديد الدالِ، «حَقَّ قَدَره» بفتح الدال. وافقهم الأعمشُ على فتح الدالِ مِنْ «قَدَره».
قوله: ﴿والأرض جَمِيعاً قَبْضَتُهُ﴾ مبتدأٌ وخبرٌ في محلِّ نصبٍ على الحال أي: ما عَظَّموه حَقّ تعظيمِه والحالُ أنه موصوفٌ بهذه القدرةِ الباهرةِ، كقولِه: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً﴾ [البقرة: ٢٨] ؟ و «جميعاً» حالٌ وهي دالَّةٌ على أن المرادَ بالأرض الأَرَضُون، ولأنَّ الموضِعَ موضِعُ تَفْخيمٍ، ولِعَطْفِ الجمعِ عليها. والعاملُ في هذه الحالِ ما دَلَّ عليه قَبْضَتُه. ولا يجوز أَنْ يعملَ فيها «قبضَتُه» سواءً جَعَلْته مصدراً - لأنَّ المصدرَ لا يتقدَّم عليه معمُوله - أم مراداً به المقدارُ.


الصفحة التالية
Icon