وقد سُرِدَتْ هذه الصفاتُ كلُّها مِنْ غير عاطفٍ إلاَّ «قابِل التوب» قال بعضهم: «وإنما عُطِفَ لاجتماعِهما وتلازُمِهما وعَدَمِ انفكاكِ أحدِهما عن الآخر، وقَطَعَ» شديدِ «عنهما فلم يُعْطَفْ لانفرادِه». قال الشيخ: «وفيه نَزْعَةٌ اعتزاليَّةٌ. ومَذْهَبُ أهلِ السنة جوازُ الغفران للعاصي وإن لم يَتُبْ إلاَّ الشركَ». قلت: وما أبعده عن نزعةِ الاعتزال. ثم أقول: التلازمُ لازمٌ مِنْ جهةِ أنه تعالى متى قَبِل التوبة فقد غَفَرَ الذنب وهو كافٍ في التلازم.
وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: ما بالُ الواوِ في قولِه:» وقابلِ التَّوْبِ؟ «قلت: فيها نُكْتةٌ جليلةٌ: وهي إفادةُ الجمعِ للمذنب التائبِ بين رحمتين: بين أَنْ يَقْبَلَ توبتَه فيكتبَها طاعةً من الطاعات وأنْ يجعلَها مَحَّاءةً للذنوب كمَنْ لم يُذْنِبْ كأنه قال: جامع المغفرةِ والقَبول» انتهى.
وبعد هذا الكلام الأنيق وإبرازِ هذه المعاني الحسنةِ. قال الشيخ: «وما أكثرَ تبجُّجَ هذا الرجلِ وشَقْشَقَتَه والذي أفاد أن الواوَ للجمعِ، وهذا معروفٌ من ظاهرِ عَلِمِ النحوِ». قلت: وقد أنشدني بَعضُهم:
٣٩١٢ - وكم مِنْ عائبٍ قَوْلاً صحيحاً | وآفَتُه من الفَهْمِ السَّقيمِ |