ولا أدري كيف فَهِموا الكلَّ من البيتين الأخيرين؟ وأَمَّا الأولُ ففيه بعضُ دليلٍ؛ لأنَّ الموتَ يأتي على الكلِّ. ولَمَّا حكى هذا الزمخشريُّ عن أبي عبيدة، وأنشد عنه بيتَ لبيدٍ قال: «إن صَحَّتِ الروايةُ عنه فقد حَقَّ فيه قولُ المازني في مسألة العَلْقى:» كان أَجْفَى مِنْ أن يفقهَ ما أقولُ له «.
قلتُ: ومسألةُ المازني معه أنَّ أبا عبيدةَ قال للمازني: «ما أكذبَ النحويين!! يقولون: هاءُ التأنيثِ لا تدخل على ألفِ التأنيثِ وأن الألفَ في» عَلْقَى «مُلْحقة. قال: فقلت له: وما أنكرْتَ من ذلك؟ فقال: سَمِعْتُ رؤبةَ يُنْشِد:
٣٩٢٩ - يَنْحَطُّ في عَلْقَى وفي مُكُوْرِ... فلم يُنَوِّنْها. فقلتُ: ما واحدُ عَلْقى؟ قال: عَلْقاةٌ. قال المازني: فامتنعْتُ ولم أُفَسِّرْ له لأنه كان أَغْلظَ مِنْ أَنْ يفهمَ مثلَ هذا» قلت: وإنما استغلظَه المازنيُّ؛ لأنَّ الألفَ التي للإِلحاق تَدْخُل عليها تاءُ التأنيثِ دالةً على الوَحْدة فيقال: أَرْطى وأَرْطاة، وإنما الممتنعُ دخولُها على ألفِ التأنيثِ نحو: دَعْوى وصَرْعى. وأمَّا عدمُ تنوين «عَلْقَى» فلأنَّه سَمَّى بها شيئاً بعينِه [