ووجهٌ آخرُ: وهو أَنْ يكونَ تقديرُه: فَمُؤْتُوْه فأولئك هم المُضْعَفُون. والحَذْفُ لِما في الكلامِ مِن الدليلِ عليه. وهذا أسهلُ مَأْخَذاً، والأولُ أمْلأُ بالفائدة «.
قوله: ﴿الله الذي خَلَقَكُمْ﴾ : يجوز في خبر الجلالة وجهان، أظهرهما: أنه الموصولُ بعدها. الثاني: أنه الجملةُ مِنْ قولِه ﴿هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ﴾ والموصولُ صفةٌ للجلالة. وقَدَّر الزمخشري الرابطَ بين المبتدأ والجملةِ الواقعةِ خبراً فقال: «وقوله:» مِنْ ذلكم «هو الذي رَبَط الجملةَ بالمبتدأ؛ لأنَّ معناه مِنْ أفعاله». قال الشيخ: «والذي ذكره النحويون أنَّ اسمَ الإِشارةِ يكون رابطاً إذا أُشيرَ به إلى المبتدأ، وأمَّا» ذلك «هنا فليس إشارةً إلى المبتدأ لكنه شبيهٌ بما أجازه الفراءُ مِن الربطِ بالمعنى، وخالفه الناسُ، وذلك في قوله: ﴿والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ﴾ [البقرة: ٢٣٤] قال:» التقدير: يتربَّصُ أزواجُهم «. فقدر الرَّبْط بمضافٍ إلى ضميرِ الذين فحصل به الربطُ، كذلك قدَّر الزمخشريُّ» من ذلكم «:» مِنْ أفعالِه «بمضافٍ إلى الضميرِ العائد إلى المبتدأ».
قوله: «مِنْ شركائِكم» خبرٌ مقدمٌ و «مِنْ» للتبعيض. و «مَنْ يَفْعَلُ» هو المبتدأ و «مِنْ ذلكم» متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه حالٌ مِنْ «شيء» بعده؛ فإنَّه في الأصل صفةٌ له. و «مِنْ» الثالثةُ مزيدةٌ في المفعولِ به؛ لأنه في حَيِّزِ النفي المستفادِ من الاستفهام. والتقدير: ما الذي يَفْعَلُ شيئاً مِنْ ذلكم مِنْ شركائكم.